للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على مُقْتَضى الْقَوَاعِد، وَبِه أفتى شُيُوخنَا من الشَّافِعِيَّة لِأَن أحسن أَحْوَاله أَن يكون كَالْمُودعِ فِي الْأَمَانَة، وَهَذَا إِذا وضع يَد الْأَجْنَبِيّ يضمن لتعديه. فَإِن قيل: يلْزم عدم صِحَة البيع لعدم قدرته على التَّسْلِيم. قُلْنَا: إِن كَانَ شَرِيكه حَاضرا سلم الْمَبِيع لَهُ وَتَقَع الْخُصُومَة بَينه وَبَين المُشْتَرِي، أَو غَائِبا رفع أمره إِلَى الْحَاكِم يَأْذَن لَهُ فِي البيع وَوضع مَال الْغَائِب تَحت يَده اه. قلت: قَوْله: وَتَقَع الْخُصُومَة الخ. يَعْنِي فِي ذَلِك الْحَيَوَان عِنْد من يكون وَمن يقوم بِهِ، وَلَيْسَ المُرَاد أَن الَّذِي لم يبع يُنكر نصيب البَائِع حَتَّى يكون من بيع مَا فِيهِ خُصُومَة وَهُوَ مَمْنُوع على الْمَشْهُور كَمَا فهمه الشَّيْخ سَالم، وَفِي معاوضات المعيار: من بَاعَ نصف فرسه لرجل وسافر المُشْتَرِي عَلَيْهَا فعطبت فَهُوَ ضَامِن لنصف شَرِيكه إِلَّا أَن يُسَافر عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ أَو جرت الْعَادة بَينهمَا أَن يُسَافر مثل ذَلِك السّفر فَلَا ضَمَان اه.

(فصل فِي الْقَرَاض)

بِكَسْر الْقَاف مَأْخُوذ من الْقَرْض وَهُوَ مَا يجازى عَلَيْهِ الرجل من خير أَو شَرّ، لِأَن المتقارضين قصد كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى مَنْفَعَة الآخر فَهُوَ مقارضة من الْجَانِبَيْنِ، وَقيل: من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع لِأَن رب المَال قطع من مَاله قِطْعَة دَفعهَا لِلْعَامِلِ بِجُزْء من الرِّبْح الْحَاصِل بسعيه، وَأهل الْعرَاق يسمونه مُضَارَبَة من قَوْله تَعَالَى: وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض} (المزمل: ٢٠) ابْن عَرَفَة: وَهُوَ تَمْكِين مَال لمن يتجر بِهِ بِجُزْء من ربحه لَا بِلَفْظ إِجَارَة فَيدْخل بعض الْفَاسِد كالقراض بِالدّينِ والوديعة وَيخرج عَنهُ قَوْلهَا: من أعْطى رجلا مَالا يعْمل بِهِ على أَن الرِّبْح لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَان على الْعَامِل لَا بَأْس بِهِ اه. وَمرَاده بالتمكن الْإِذْن لَا الْإِعْطَاء بِالْفِعْلِ وإلَاّ لم يَشْمَل الْقَرَاض بِالدّينِ، وَأخرج بقوله: بِجُزْء من ربحه الأبضاع وَالْإِجَارَة، وَكَذَا الشّركَة لِأَن الرِّبْح فِي الشّركَة نَشأ عَن الْمَالَيْنِ فَلم يَأْخُذ كل مِنْهُمَا إِلَّا ربح مَاله. وَقَوله: لَا بِلَفْظ إِجَارَة أخرج بِهِ مَا إِذا قَالَ: آجرتك على التَّجر فِي هَذَا المَال بِجُزْء من ربحه فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد بذلك فَإِن عمل فَيجْرِي على الْإِجَارَة الْفَاسِدَة، وَيفهم من قَوْله: وَلَا ضَمَان على الْعَامِل الخ. أَنه إِذا لم ينف الضَّمَان عَنهُ وَلم يسمه قراضا فَإِن الضَّمَان يكون على الْعَامِل وَهُوَ كَذَلِك (خَ) : وَضَمنَهُ فِي الرِّبْح لَهُ إِن لم ينفه وَلم يسم قراضا الخ. وَقَرِيب من هَذَا التَّعْرِيف قَول النَّاظِم: إعْطَاءُ مالِ مَنْ بِهِ يُتَاجِرُ لِيَسْتَفِيدَ دَافِعٌ وَتَاجِرُ (إِعْطَاء مَال) من إِضَافَة الْمصدر لمفعوله الثَّانِي وكمل بِالْأولِ الَّذِي هُوَ قَوْله (من بِهِ يتاجر) وَاللَّام فِي (ليستفيد) لَام كي التعليلية (دَافع) فَاعل (وتاجر) عطف عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>