مِمَّا يُفَادُ فِيهِ جُزْءاً يُعْلَمُ هُو القِرَاضُ وَبِفعْلٍ يَلْزَمُ (مِمَّا) مُتَعَلق بيستفيد وَمَا وَاقعَة على الرِّبْح (يفاد) بِمَعْنى يحصل صلَة مَا أَو صفة (فِيهِ) مُتَعَلق بيفاد (جُزْءا) مَفْعُوله يَسْتَفِيد (يعلم) صفة لَهُ (هُوَ الْقَرَاض) مُبْتَدأ وَخبر وَالْجُمْلَة خبر إِعْطَاء، وَالتَّقْدِير: إِعْطَاء مَال لمن يتجر بِهِ لأجل أَن يَسْتَفِيد ربه وَالْعَامِل من ربح يحصل فِيهِ جُزْءا مَعْلُوما كَنِصْف لكل مِنْهُمَا أَو ربع لِلْعَامِلِ وَالْبَاقِي لرَبه، وَنَحْو ذَلِك من الْأَجْزَاء هُوَ الْمُسَمّى بالقراض اصْطِلَاحا، وَلَك أَن تَقول: هُوَ إِعْطَاء مَال لمن يتجر بِهِ ليستفيد كل من ربحه جُزْءا مَعْلُوما وَأقرب مِنْهُ وأخصر لَو قَالَ: تَوْكِيل فِي تجر بِجُزْء علما من ربحه هُوَ الْقَرَاض فاعلما وَأَشَارَ بقوله: (وبفعل يلْزم) إِلَى أَنه من الْعُقُود الْجَائِزَة الَّتِي تلْزم بِالشُّرُوعِ فِي الْعَمَل لَا قبل الشُّرُوع فِيهِ بسفر أَو إِنْفَاق لِلْمَالِ فَلِكُل مِنْهُمَا فَسخه (خَ) : وَلكُل فَسخه قبل عمله وَإِن تزَود لسفر إِن لم يظعن وَإِلَّا فلنضوضه. وَلما كَانَ قَوْله إِعْطَاء مَال شَامِلًا للعروض وللعين الغائبة والجزاف نبه على أَن الْقَرَاض لَا يجوز بِشَيْء من ذَلِك فَقَالَ: وَالنَّقْدُ وَالحُضُورُ وَالتَّعْيِينُ مِنْ شَرْطِهِ وَيُمْنَعُ التَّضْمِينُ (والنقد) أَي الذَّهَب وَالْفِضَّة مسكوكين، وَمثل المسكوك التبر الَّذِي يتعامل بِهِ فَإِن كَانَ لَا يتعامل بِهِ وَوَقع وَنزل وَدفع التبر قراضا مضى بِالْعَمَلِ وَيرد مثله عِنْد المفاصلة إِن عرف وَزنه وإلَاّ فَيرد مَا بيع أَو مَا خرج فِي ضربه (والحضور) أَي كَون النَّقْد حَاضرا عِنْد العقد (وَالتَّعْيِين) لعدده أَو وَزنه إِن تعامل بِهِ وزنا (من شَرطه) أَي الْقَرَاض رَاجع للأمور الثَّلَاثَة، وَاحْترز بِالنَّقْدِ من الْقَرَاض بالعروض وَالطَّعَام فَإِنَّهُ لَا يجوز فَإِن وَقع فَلهُ أجر بَيْعه وقراض مثله فِي ربحه، وَمثل الْعرُوض الْفُلُوس إِلَّا أَن يكون التَّعَامُل بهَا كالنقد وَلَا يتَغَيَّر سعرها غَالِبا كَمَا عندنَا الْيَوْم فَيجوز وبالحضور من الْقَرَاض بِالدّينِ فَإِنَّهُ لَا يجوز سَوَاء كَانَ الدّين على الْعَامِل فَقَالَ: اعْمَلْ بِالدّينِ الَّذِي لي فِي ذِمَّتك قراضا أَو كَانَ على غَيره كَقَوْلِه: أَقبض الدّين الَّذِي لي على فلَان واعمل بِهِ قراضا، فَإِن وَقع فَفِي الْوَجْه الأول يسْتَمر دينا عَلَيْهِ وَالرِّبْح لَهُ والخسارة عَلَيْهِ، وَفِي الْوَجْه الثَّانِي يكون لَهُ أجر مثله فِي قَبضه وقراض مثله فِي ربحه، وبالتعيين من الْجزَاف كَمَا لَو دفع لَهُ صرة من الذَّهَب أَو الْفضة قراضا فَإِنَّهُ لَا يجوز لِأَن الْجَهْل بِالْمَالِ يُؤَدِّي إِلَى الْجَهْل بِالرِّبْحِ، وَهَذَا يُغني عَنهُ قَوْله فِيمَا مر جُزْءا يعلم الخ: فَإِن وَقع فَانْظُر هَل يصدق الْعَامِل فِي عدده أَو وَزنه وَيكون لَهُ قِرَاض مثله فِي ربحه كمن قَالَ: اعْمَلْ بِهَذَا المَال الَّذِي عدده كَذَا وَلَك جُزْء من ربحه، وَهُوَ الظَّاهِر لِأَن الْعَامِل أَمِين أَو لَا يصدق فِي عدده وَلَا وَزنه لِأَنَّهُ يتهم على أَن يجلب بذلك نفعا لنَفسِهِ فِي كَثْرَة الرِّبْح. (وَيمْنَع التَّضْمِين) أَي: لَا يجوز أَن يشْتَرط فِي العقد على الْعَامِل ضَمَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute