للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ اه. وَمَعْنَاهُ إِن من أهْدى لَهُ اللص شَيْئا مِمَّا غصبه فكافأه عَلَيْهِ بِشَيْء أَو اشْتَرَاهُ من اللص وَلم يعلم بغصبه فيهمَا فَبَاعَهُ المُشْتَرِي أَو المكافىء فَإِنَّهُ يفوت ذَلِك على مَالِكه، فَإِن بَاعه من وهبه لَهُ اللص مضى أَيْضا ولربه الثّمن على الْمَوْهُوب لَهُ.

(فصل فِي الْعَارِية والوديعة والأمناء)

الْعَارِية: بتَشْديد الْيَاء وَقيل بتخفيفها قَالَه فِي التَّوْضِيح هِيَ من المعاورة وَهِي الْأَخْذ والإعطاء يُقَال: هم يتعاورون من جيرانهم أَي يَأْخُذُونَ ويعطون وَقَالَ الأبي: هِيَ من عرا كغزا بِمَعْنى قصد فَهِيَ عريوة ثمَّ صَارَت عرية لِاجْتِمَاع الْيَاء وَالْوَاو فَهِيَ بِمَعْنى مَطْلُوبَة ومقصودة. وَشرعا قَالَ ابْن عَرَفَة: هِيَ تمْلِيك مَنْفَعَة مُؤَقَّتَة لَا بعوض فَتدخل الْعُمْرَى والإخدام لَا الْحَبْس فَخرج بقوله: مَنْفَعَة تمْلِيك الذوات بِبيع أَو هبة وَنَحْوهمَا، وَخرج بهَا أَيْضا تمْلِيك الِانْتِفَاع لِأَن مَالك الْمَنْفَعَة لَهُ أَن يستوفيها بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ بِخِلَاف مَالك الِانْتِفَاع كسكان الْمدَارِس والزوايا والربط فَإِنَّهُم لَا يَنْتَفِعُونَ إِلَّا بِأَنْفسِهِم، وَلَيْسَ لَهُم أَن يؤاجروا ذَلِك أَو يعيروه لغَيرهم وَالنِّكَاح من الِانْتِفَاع لَا من الْمَنْفَعَة، وَكَذَا الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد والسوق، وَبِالْجُمْلَةِ فالانتفاع هُوَ الَّذِي قصد بِهِ الْمُعْطِي خُصُوص من قَامَ بِهِ الْوَصْف أَو خُصُوص ذَات الْمُعْطى بِالْفَتْح كسكنى بيُوت الْمدَارِس وَنَحْوهَا وكمستعير مَنعه الْمَالِك من الِانْتِفَاع بِغَيْرِهِ، وَمِنْه النِّكَاح بِخِلَاف الْمَنْفَعَة فَهِيَ الَّتِي قصد فِيهَا الِانْتِفَاع بِالذَّاتِ استوفاها الْمُعْطى لَهُ بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ فَلهُ أَن يعيرها أَو يستأجرها لمثله، وَبِهَذَا تعلم أَن الْحَبْس على قسمَيْنِ مِنْهُ مَا قصد بِهِ الْمحبس خُصُوص تمْلِيك الِانْتِفَاع لمن قَامَ بِهِ الْوَصْف كالفقراء، فَهَذَا لَا يجوز لمن اسْتَحَقَّه أَن يَهبهُ وَلَا أَن يؤاجره وَلَا أَن يعيره الْمدَّة الْكَثِيرَة، وَمِنْه مَا قصد بِهِ تمْلِيك الْمَنْفَعَة وَذَلِكَ كالحبس على شخص معِين وأعقابه مثلا، فَهَذَا تجوز فِيهِ الْهِبَة وَالْإِجَارَة والإعارة، وَاخْتلف فِي الْحَبْس على الإِمَام والخطيب والمدرّس هَل هُوَ من الْقسم الأول أَو الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِر، وَخرج بقوله: مُؤَقَّتَة تمْلِيك الْمَنْفَعَة الْمُطلقَة كَمَا لَو ملك عَبده مَنْفَعَة نَفسه فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِ ذَلِك وَلَيْسَ بعارية وَلَيْسَ عتقا أَيْضا بِدَلِيل أَن الْأمة إِذا ملكهَا مَنْفَعَة نَفسهَا ثمَّ تزَوجهَا فَإِن أَوْلَادهَا يرقون لسَيِّدهَا، وَخرج بِهِ أَيْضا الْقسم الثَّانِي من قسمي الْحَبْس فَإِنَّهُ تمْلِيك مَنْفَعَة غير مُؤَقَّتَة فَلَيْسَ بعارية وَالْحَبْس على مُخْتَار. ابْن عَرَفَة: لَا يكون إِلَّا مُؤَبَّدًا وَتَسْمِيَة الْمُؤَقت مِنْهُ حبسا مجَاز عِنْده فَلَا يرد عَلَيْهِ أَن الْحَبْس قد يكون مؤقتاً كَمَا قَالَ (خَ) : وَلَا يشْتَرط التَّأْبِيد وَخرج بقوله لَا بعوض الْإِجَارَة. وَأما حَدهَا بِالْمَعْنَى الاسمي فَيُقَال: هِيَ مَال ذُو مَنْفَعَة مُؤَقَّتَة ملكت بِغَيْر عوض. وَحكمهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>