وَتبقى الْأَمْلَاك بيد حائزها وَلَا يُكَلف بِبَيَان وَجه تملكه وَلَا غير ذَلِك كَمَا يَأْتِي، وَبِالْجُمْلَةِ فمهما ثبتَتْ الْحِيَازَة عشرَة أشهر فَأكْثر بالقيود الْمَذْكُورَة أَولا لَا تقطعها الْحِيَازَة الْوَاقِعَة بعْدهَا إِلَّا أَن تكون عشر سِنِين فَأكْثر بالقيود الْمَذْكُورَة أَيْضا، وَهُوَ معنى قَوْلهم: حِيَازَة عشرَة أَعْوَام مَعَ علم أصل الْملك لمن هُوَ عَامله أَي لِأَنَّهَا قطعت حجَّة الْقَائِم مَعَ علم أصل ملكه وَمحل قطعهَا لذَلِك إِذا لم يعلم أصل مدخله أما إِذا علم كَكَوْنِهِ دخل بكرَاء من الْقَائِم أَو إسكان أَو مُسَاقَاة وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهَا لَا تقطعها وَلَو طَالَتْ، وَهَذِه الثَّانِيَة هِيَ مَقْصُود النَّاظِم فِي هَذَا الْفَصْل، وَأما الأولى فَلم يتَكَلَّم عَلَيْهَا وَتكلم عَلَيْهِمَا مَعًا (خَ) فَقَالَ فِي الأولى: وَصِحَّة الْملك بِالتَّصَرُّفِ وَعدم مُنَازع وحوز طَال كعشرة أشهر وَأَنَّهَا لم تخرج عَن ملكه فِي علمهمْ الخ. وَقَالَ فِي الثَّانِيَة: وَإِن حَاز أَجْنَبِي غير شريك وَتصرف ثمَّ ادّعى حَاضر سَاكِت بِلَا مَانع عشر سِنِين لم تسمع بَينته إِلَّا بِإِسْكَان وَنَحْوه، وَقد علمت من هَذَا أَن أصل الْملك وأصل الْمدْخل شَيْئَانِ متغايران وهما وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا يشْتَرط جَهله لَكِن الأول شَرط فِي قبُول بَيِّنَة الْقَائِم إِذْ هِيَ لَا تقبل إِلَّا إِذا لم يعلم أَن أصل ذَلِك الْملك لغيره. وَالثَّانِي شَرط فِي إِعْمَال حِيَازَة الْمُقَوّم عَلَيْهِ إِذْ لَا يعْمل بحيازته إِلَّا إِذا جهل أصل مدخله، أما إِذا علم بِإِسْكَان وَنَحْوه فَإِنَّهَا لَا تَنْقَطِع حجَّة الأول بل هِيَ حِينَئِذٍ كَالْعدمِ، وَانْظُر الْكَلَام على الْقُيُود الْمَذْكُورَة من الْيَد وَالنِّسْبَة وَغَيرهمَا فِي حاشيتنا على اللامية. وَاعْلَم أَيْضا أَن النَّاظِم قدم الْكَلَام أَولا على الْحِيَازَة القاطعة لحجة الْقَائِم ثمَّ فرع عَلَيْهَا مسَائِل: الأولى: أَن يثبت الْقَائِم أصل مدْخل الْحَائِز من إسكان وَنَحْوه. الثَّانِيَة: أَن يَدعِي الحائزان الْقَائِم تبرع عَلَيْهِ بذلك المحوز أَو اشْتِرَاء مِنْهُ. الثَّالِثَة: أَن يثبت الْقَائِم الشِّرَاء من الْحَائِز فيدعي الْحَائِز الْإِقَالَة ثمَّ الْحَائِز إِمَّا أَجْنَبِي من الْقَائِم أَو قريب جدا كَالْأَبِ مَعَ ابْنه وَلم يتَكَلَّم عَلَيْهِ النَّاظِم، وَسَيَأْتِي عَن (خَ) أَن الْحِيَازَة بَينهمَا إِنَّمَا تكون فِي الْمدَّة الطَّوِيلَة الَّتِي يَنْقَطِع فِيهَا الْعلم أَو تهْلك فِيهَا الْبَينَات وَإِمَّا قريب لَا جدا كالإخوة والأعمام والأصهار والموالي وَهُوَ مَا يَأْتِي فِي قَوْله: وَالْأَقْرَبُونَ حوزهم مُخْتَلف الخ ... وَفِي كل إِمَّا أَن يكون بَين الْقَائِم والمقوم عَلَيْهِ شركَة أم لَا فَأَشَارَ إِلَى الْقسم الأول بقوله: والأَجَنبِيُّ إنْ يَحُزْ أصلا بِحَقْ عَشرَ سنينَ فالتَملُّكَ استَحَقْ (وَالْأَجْنَبِيّ) شريك أَو غَيره (إِن يحز أصلا) كأرض وَدَار وَنَحْوهمَا يتَصَرَّف فِيهِ وينسبه لنَفسِهِ من غير مُنَازع الخ. والقائم حَاضر عَالم بَالغ رشيد لم يمنعهُ من الْقيام مَانع، وَسَوَاء كَانَ تصرفه بالازدراع وَالسُّكْنَى والاستغلال فِي جَمِيع الْعشْر أَو فِي أول جُزْء مِنْهَا، أَو كَانَ يبور الأَرْض سنة ويزرعها أُخْرَى، وَأَحْرَى تصرفه بالهدم وَالْبناء الْغَرْس، وَهَذَا فِي غير الشَّرِيك، وَأما الْأَجْنَبِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute