وقد أخرج البخاري في "الصحيح"(١/ ٢٩٥)، ومسلم (٢/ ٦١٤)، والنسائي (٣/ ١٦٦) من طريق: الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس - رضي الله عنه - قال:
أصابت الناس سنة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في يوم جمعة، قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته - صلى الله عليه وسلم -، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي - أو قال: غيره - فقال: يا رسول الله تهدَّم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه، فقال:
"اللهم حوالينا ولا علينا" ............ الحديث.
فدل هذا الحديث دلالة قوية ظاهرة على أن توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - كان توسلًا بدعائه، لا بجاهه، وهذا ظاهر من قوله:"فادع الله لنا"، ولوكان التوسل بجاهه - صلى الله عليه وسلم - مشروعًا لما تاخروا في ذلك لا سيما مع عظم المصيبة أولًا بالقحط، وآخرًا بالهدم والغرق.
فكان توسل الصحابة بعده عليه السلام في حادثة القحط بدعاء العباس، لا بجاهه، كما سوف يأتي تقريره بدليله.
وأما استدلال المؤلف بقول الحافظ ابن حجر السابق ذكره فهو من