إنما هي الخلاف بين الرواة عن فضيل بن مرزوق، وليست كذلك، بل هي من فضيل نفسه، فقد شك في روايته كما عند الإمام أحمد في "المسند"(٣/ ٢١) قال:
حدثنا يزيد، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، فقلت لفضيل: رفعه، قال: أحسبه قد رفعه ... الحديث.
وأما المؤلف فقد نحى منحى غريبًا في تأويل هذا الشك، فقال (ص: ٢١٨):
(هذا ظن راجح تقوى "بقد" وهو حرف تحقيق هنا دخل على الماضي فقربه من الحال، وعليه فرواية يزيد بن هارون من قسم المرفوع، ولابد، وهو صنيع من تكلم على الحديث ممن تأخر من الحفاظ).
قلت: وهذا اعتذار ساقط لا قيمة له، ذلك لأن كلمة:"أحسب" تفيد الظن ولا شك، والظن أكذب الحديث.
وعلى فرض التسليم للمؤلف بأنه ظن راجح، فهذا لا ينفي ورود الظن على الفضيل فيه، وإن رجح الرفع بـ "قد"، وإن كان ذلك كذلك، فالعلة في الاختلاف قائمة عليه هو، لا على من رواه عنه.
وهذا يؤيده ترجيح أبي حاتم للموقوف، وهو من أئمة هذه الصنعة، وممن أرسى قواعدها، فلا يقدَّم عليه فيها المتأخرون.