الثالثة: أنه على فرض التسليم بأنه مما اختلف فيه الرواة عن فضيل بن غزوان، وهم جميعًا ثقات سواءً من رواه بالرفع أو من رواه بالوقف، فإن كانوا كذلك، فطريقة المحققين من أهل العلم إعلال الحديث بمن ورد فيه نوع جرح بدلًا من تخطئة الثقات، وفضيل بن مرزوق قد تكلم بعض أهل العلم في حفظه، فتخطئته فيه بروايته مرفوعًا تارة، وموقوفًا تارة أخرى أولى من تخطئة حافظين، وهما أبو نعيم ووكيع، أو ستة من الرواة الثقات، فيهم حافظ كبير مثل يزيد بن هارون - رحمه الله -.
الرابعة: أن الفضل بن دكين الملائي من الحفاظ المتثبتين المقدَّمين على أقرانه، وقد قال يحيى القطان:"إذا وافقني هذا الأحول ما أبالي من خالفني"، وقال ابن معين:"ما رأيت أثبت من رجلين يعني في الأحياء أبي نعيم وعفان"، وقال الفسوي:"أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان"، وقال أبو حاتم:"أبو نعيم حافظ متقن".
ومثله وكيع من الحفاظ الكبار، وقد خالفا خمسة من الثقات، والسادس وهو من الحفاظ وهو يزيد بن هارون في روايته شك وظن.
وقد تقدَّم أن المؤلف قد رجح رواية الفسوي على ثلاثة من الرواة، اثنين منهم من الثقات، فلِمَ لم يرجح رواية حافظين كبيرين كأبي نعيم ووكيع على هؤلاء الستة؟ ! ! إلا لأجل الانتصار لمذهبه