"فإن كان القوي يترجح بفضل شجاعته، فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه وإخلاصه".
قلت: ومما يدل على تدليس المؤلف أنه لم يورد الحديث الذي قبله في الباب الذي عند البخاري، وهو أظهر في الدلالة من هذا، وهو حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال:
رأى سعد - رضي الله عنه - أن له فضلًا على من دونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم".
قلت: والنصر والرزق المعنى هنا هو نفسه المعنى في الحديث الذي قبله، وهو نصر ورزق بإخلاصهم ودعائهم وصلاتهم، لا بالتوسل بجاههم كما يروج له المؤلف، ويدل على ذلك رواية النسائي (٦/ ٤٥) لهذا الحديث بسند صحيح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم".
وهذا ظاهر من الحديث الذي ترجم به المؤلف، فإنما حصر الفتح والنصر بالقرون الثلاثة الأولى، لأن الإخلاص والصدق في الدعاء والالتزام بالشرائع أظهر فيهم من غيرهم، ولأجل هذا فُضلوا على غيرهم من القرون.
وبهذا يبطل الاستدلال بهذا الحديث على جواز التوسل بالجاه.