سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - لعمله حيث لَمْ ينهه عما فعل، بل أقره، وبكى عمر - رضي الله تعالى عنه -، وقال: يا رب ما آلو إلَّا ما عجزت عنه).
قلت: هذه الحادثة لَمْ يشهدها مالك الدار كما يظن المؤلف، بل تلقاها عن هذا الرجل المبهم المجهول، فإننا إن سلمنا أنه قد عاين مجيء الرجل إلى القبر، ومجيئه إلى عمر، فلن نسلم أنه قد عاين رؤيا الرجل للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منامه، لأنَّ ذلك يستحيل، فلا بد أن يكون قد أخبر بذلك، ولا سبيل للإخبار بذلك إلَّا عن طريق ذلك الرجل المبهم، ومن ثم فلا مناصر من الإقرار بتلقي مالك الدار لهذا الخبر من الرجل، وهذا كشاف لإعلال الخبر.
ويؤيد ذلك لفظ الخبر عند ابن أبي شيبة، فإن فيه:
فأُتِي الرجل في المنام، فقيل له: أنت عمر ....
فالفعل قد بُني للمجهول، ولا يقتضي أن الذي أتاه في الرؤية هو النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويؤيد قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يا رب لا آلو إلَّا ما عجزت عنه، فإن كان الآتي هو النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لعُلم ذلك من جواب عمر، كان يكون الاعتذار إليه، وإن كان ذلك كذلك فلا مفر من إثبات أن مالك الدار قد تلقى هذا الخبر من ذلك المبهم، ولو كان ثقة، فإن عمر لَمْ يدر بما فعله الرجل من إتيان القبر، ومن ثم فلم ينكر عليه، وعدم إنكاره لا يقتضي إقراره بحال.