ثم إننا لو سلمنا بصحة الخبر فليس فيه ما يدلُّ على أنَّ الرجل قد أخبر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بمجيئه إلى القبر، ومن ثم فلا يُقال: إنه قد أقره على هذا الفعل.
ولو سلمنا أنه قد فعل وأخبر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بإتيانه القبر، فليس في الأثر ما يدلُّ على أنَّه قد توسل بجاه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا دعا عنده، بل غاية ما فيه أنه قد طلب منه أن يستسقي لأمته، وبينهما بون شاسع كما يظهر لكل منصف.
ثم إن في هذا الخبر من النكارة ما يدلُّ على سقوطه، فهو مخالف لما صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعن صحابته في الاستسقاء، بل لَمْ يصح عن أحد من الصحابة فعل هذا الفعل الذي فعله الرجل، بل ما تقدَّم من حادثة استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس - رضي الله عنهما - عم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدلُّ على أنَّ ذلك لَمْ يكن معروفًا عندهم، ولا عُمل به في عصرهم.