(وهذا الرجل الذي يتشدد هنا التشدد الممقوت - ويخالف مذهبه - في أمر فرعي، تجده في مكان آخر يتساهل في محض الاعتقاد تساهلًا مذمومًا، فتجده يقول في رسالته المذكورة تعقيبًا على من نقل الإجماع على بقاء النار، فقال:
"وتعقيبنا عليه من وجهين: الوجه الأول: أنه لم يحصل إجماع على تخطئة القول بفناء النار، وعدَّه من البدع كما زعم، فالمسألة خلافية، وإن كان الجمهور لا يرون القول بذلك، لكنه لم يتم إجماع على إنكاره، وإنما هو من المسائل الخلافية التي لا يُبدع فيها.
الوجه الثاني: أن الذين قالوا بفنائها استدلوا بأدلة من القرآن والسنة، وبقطع النظر عن صحة استدلالهم بها أو عدم صحته فإن هذا القول لا يعتبر من البدع ما دام أن أصحابه يستدلون له، لأن البدع ما ليس لها دليل أصلًا، وغاية ما يقال إنه قول خطأ أو رأي غير صواب ولا يُقال بدعة، وليس قصدي الدفاع عن هذا القول، ولكن قصدي بيان أنه ليس بدعة، ولا ينطبق عليه ضابط البدعة، وهو من المسائل الخلافية" ا. هـ
قلت: وغير خفي على اللبيب والبليد أن كلامه نهاية في البطلان والتعصب، وأن القول بفناء النار هو قول المبتدعة من جهمية