"وما نُسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنه يقول بالنهي عنها، فقد قال بعض العلماء: إنه لا أصل له، وإنما يقول بالنهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، أما نفس الزيارة فلا يخالف فيها كزيارة سائر القبور".
وقد صرَّح ابن عابدين في موضع آخر أنه ليس لكبار الحنفية في هذه المسألة كلام، فقال (٣/ ١٥٠) عقب أن ذكر الرواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول ... :
"استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها، وهل تُندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده، وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام؟ لم أر من صرَّح به من أئمتنا، ومنع منه بعض أثمة الشافعية إلا لزيارته - صلى الله عليه وسلم -".
فلا أدري أي إجماع عناه المؤلف؟ ! !
وأمر أخير ينبغي التنبيه عليه، وهو:
أن شيخ الإسلام - رحمه الله - لم يذهب إلى مطلق تحريم الدعاء عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذهب إلى أن تحري الدعاء عند القبر مع اعتقاد استحباب ذلك، لم يرد به دليل صحيح.
قال - رحمه الله - في "الاقتضاء"(٢/ ٧٢١):
"الدعاء عند القبر لا يُكره مطلقًا، بل يؤمر به، كما جاءت به السنة فيما تقدَّم ضمنًا وتبعًا، وإنما المكروه أن يُتحرى المجيء إلى القبر