مقعد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من المنبر حتى وقع الحريق الذي ذهب به، ومثلها يد أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - التي باشرت يد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغيرها من أجزاء جسده الطاهر عليه الصلاة والسلام، هل يُقاس هذا كله بمس القبر الذي قال فيه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسند صحيح لا مطعن فيه:"لا تجعلوا قبري عيدًا"، و"لا تجعلوا قبري وثنًا".
وهل تُقاس تلك الأشياء بما كرهه فقيه الصحابة وإمام المتبعين عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وإن كانت كراهة ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لذلك كما زعم الذهبي - رَحِمَهُ اللهُ - لأنه رآه سوء أدب، فما بال الذهبي - رَحِمَهُ اللهُ - يراه من الجائز المباح، كلا وحاشا، بل هو مما أعرض عنه الصحابة، وكرهه أهك العلم من الأئمة المعتبرين، أحمد، ومالك، وغيرهما، فلا يُتقدَّم على هؤلاء جميعًا بقول فاسد لا دليل عليه من السنة.
وإن كان المؤلف قد روَّج لهذا القول في كتابه (ص: ٥٧)، فإن الله لَمْ يتعبدنا بأقوال العلماء، لا سيما زلاتهم، بل تعبدنا بنصوص الشريعة الراسية، وأما زلة العالم. فهي منبوذة غير معمول بها، والله يغفر للجميع، والذهبي إمام متبع، إلَّا أننا لا ندعي في أئمتنا