"لا ينبغي للمطي أن تُشد رحاله إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا".
وهذا الاستثناء عندي لا غبار عليه، إلَّا أن الشارع إن كان منع من إعمال المطي وشد الرحال إلى أي مسجد يُصلى فيه إلَّا هذه الثلاثة، مع بيانه في نصوص أخرى ثابتة فضل عموم المساجد، فالمنع من شد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء والصالحين أولى، لأنَّ مقتضى شد الرحال وإعمال المطي تعظيم المكان الذي يُشد إليه، وهذا مخالف للعلة التي لأجلها أبيحت زيارة القبور، وهي التذكير والاعتبار.
وقد تنبه الإِمام علاء الدين بن العطار - رَحِمَهُ اللهُ - إلى هذه العلة، فقال في كتابه "زيارة القبور"(ص: ١٨):
"هذه الأحاديث من فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأمره، وتعليله دالة على زيارة قبر المفضول، فكيف بزيارة قبر الفاضل، فكيف بزيارة قبره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن للاعتبار والتذكار، لا للتآله والإكبار، ولهذا قال:(لا تجعلوا قبري وثنًا) و (لا تجعلوا قبري عيدًا) ".
وثمة أمر آخر وهو أن القبر قد يُتخذ مسجدًا كما وقع من اليهود والنصاري، ونبه عليه النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونهى عنه أشد النهي،