وابن السراج، والفارسي، فإذا قلت: ما رأيته مذ يومان، فالتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وفي ما رأيته مذ يوم الجمعة: أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة.
المذهب الرابع: أنه مرفوع على الابتداء: و (مذ) و (منذ) الخبر، وهما منصوبان على الظرفية، كما كانا إذا أضيفا إلى جملة، وهو مذهب الأخفش، والزجاج، وطائفة من البصريين.
قال ابن هشام اللخمي: وهو مذهب سيبويه، والتقدير: بيني وبين لقائه يومان وعلى هذا المذهب والذي قبله الكلام جملتان، وإذا فرعنا على هذا، فالجمهور على أن جملة (مذ) و (منذ) لا موضع لها من الإعراب، وذهب أبو سعيد السيرافي إلى أنهما في موضع الحال كأنه قال: ما رأيته متقدمًا.
و (مذ) و (منذ) يجوز أن يجرا الوقت، وما يستفهم به عنه نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومذ متى رأيته، ومنذ كم فقدته، والجمهور على أنهما إذا جرا حرفًا جر، فيجوز أن يصل الفعل بهما إلى اسم الاستفهام نحو: منذ كم سرت.
وذهب بعض النحاة إلى أنهما اسمان ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما وإذا جرا، وكان ما دخلا عليه زمانًا يصلح أن يكون جوابًا (لمتى) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فيقدر بـ (من) ولا يكون الزمان إلا ماضيًا معرفة دالاً على وقت معلوم، وإلا كان بمعنى (في) نحو: أنت عندنا منذ الليلة، ولا يكون الزمان إلا حالاً معرفة،