ظرف المكان أنواع: فمنها ما له مقدار نحو: ميل، وفرسخ، وبريد، وغلوة، فالغلوة مائة باع. والميل عشرة غلاء، والفرسخ ثلاثة أميال، والبريد أربعة فراسخ، وهو ظاهر كلام الفارسي، وقول بعض النحاة: إن المقدار داخل تحت حد المبهم، وقال الأستاذ أبو علي: ليس داخلاً تحته، وقال سيبويه:«ويتعدى إلى ما كان وقتًا في الأمكنة كما كان يتعدى إلى ما كان وقتًا في الأزمنة ثم قال: وذلك قولك: ذهبت فرسخين. وسرت ميلين، كما تقول: ذهبت الشهرين، وسرت الميلين» انتهى.
والصحيح أنه شبه بالمبهم، ولذلك وصل إليه بنفسه، وانتصاب هذا النوع من المقدار عند النحاة على الظرف، وزعم السهيلي: أن انتصاب هذا النوع انتصاب المصادر لا انتصاب الظروف، واللغة تساعد مذهبه، لأن اللغويين شرحوا الغلوة، والميل، والفرسخ، والبريد بالخطى، والأبواع.
وذهب ابن طلحة إلى تقدير هذا المقدار بحذف المضاف كأنه قال: سير فرسخين، كما في قولك: ضربته سوطًا أي: ضربة سوط، والنحاة غير هؤلاء سموا المسافة التي تقع فيها هذا الخطا المذكورة باسم الخطا المذكورة، ولها نهاية معروفة، وحدود محصورة ألا ترى أن الميل له مقدار معلوم من المسافة.
النوع الثاني: ما دل على مسمى إضافي محض، أو جاريًا باطراد مجراه، وهذا الذي لا تعرف حقيقته بنفسه، بل بما يضاف إليه فالأول نحو: مكان،