قلت: أراك لأنك تخبر عن حال لم تنقطع، فإذا أردت أنك رأيته ثم غبرت سنة لا تراه قلت: رأيتك مذ سنة، لأنك أخبرت عن رؤية مضت. وانقطعت، وفي البديع: زعم الأخفش أنهم يقولون: ما رأيته مذ اليوم، ومذ العام، ولا يقولون مذ الشهر، ولا مذ يوم، ولا مذ الساعة، وهو على غير قياس وقد حكى عن العرب استعمال أمثلة، وامتناع من أخرى. انتهى.
واسم العدد الواقع بعدهما إذا كانا بمعنى الأمر، فمن العرب من يعتد بالكامل فقط، فمن رأيته يوم الجمعة، ثم يوم الاثنين قلت له: ما رأيتك مذ يومان فلا يعتد بالجمعة، ويوم الاثنين. وهؤلاء لا يقولون: ما رأيته مذ يومان لمن رآه أمس، إنما يقولون مذ أمس إلى اليوم. ومنهم من يعتد بالناقص الأول لا بالآخر، تقول لم أره مذ يومان، وكان قد رآه أول من أمس، اعتد بأول من أمس، وبأمس لا باليوم الذي أخبر فيه بانتفاء الرؤية.
ولما كان النفي ليس واقعًا في جميع ما بعدها إذا كانا بمعنى أول الوقت، منع أبو الحسن أن يعطف على اسم الزمان الواقع بعدهما اسم زمان مختص متقدم عليه أو متأخر، فلا يقال ما رأيته مذ شهر رمضان ولا شهر شعبان، ولا ما رأيته مذ شهر رمضان، وشهر شوال قال: ولو قلت: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم السبت لم يجز، ولو نصبت يوم السبت لم يجز، فإن كان ما بعد حرف العطف متقدمًا على الزمان، الواقع بعدهما جاز عنده النصب نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس يريد: وما رأيته يوم الخميس، ومنع أبو الحسن العطف إذا اختلف الاسمان بعدهما بالتعريف والتنكير، فلا يجوز عنده: ما رأيتك مذ يوم الجمعة ويومان، ولا ما رأيتك مذ أمس ويومان.
وأجاز ابن السراج: ما رأيته مذ يومان، ويوم الخميس بالرفع على تكرير (مذ)