وأصل نصبها بالاستقرار، ولا ينصب إلا الظروف، وقيل الأصل: مكانًا مثل مكان مناط الثريا، وكذا باقيها يحذف في جميع ذلك الظرف المبهم، وأقيمت هذه الأسماء المشتقة من الفعل مقامه، فانتصبت لذلك على الظرف من قبل ما قامت مقامه لا من قبل أنفسها. وقيل لما كانت هذه أمثال القرب والبعد، ولا يراد حقيقة اللفظ حمل على المعنى فقولهم: أنت مني مناط الثريا معناه: أنت مني مكانًا مباعدًا غاية البعد، وكذا معقد الإزار هو كناية عن غاية القرب، فكما لو تكلم بها جاز، فكذلك ما دل عليه، وهذا قول؛ سن وقال به ابن الطراوة، ويرجع ذلك كله إلى معنى المبهم.
وذهب الكسائي إلى أن انتصاب هذه الأسماء المختصة المشتقة من الفعل انتصاب الظروف مقيسًا ومعنى:«مقعد القابلة أي من النفساء». ومعقد الإزار من المؤتزر، ومنزلة الولد من أبيه، ومنزلة الشغاف من القلب، ومقعد رابئ الضرباء من الضربى، ومناط الثريا من الدبران، أو من يد المتناول، ومزجر الكلب من الزاجر، فجميع ذلك يتعلق فيه منى الأولى بالظرف لما تضمنه من معنى الفعل، لوقوعه موقع الخبر أي هو كائن مني.
وتتعلق (من) الثانية بنفس اسم المكان لما فيه من الدلالة على الفعل الذي اشتق منه، وتعلق (من) الأخيرة باسم المكان هو مذهب سيبويه، وزعم ابن خروف أن حرفي الجر يتعلقان بمحذوفين تقديره: قرب زيد مني قرب الشغاف من القلب، وبعد مني بعد مزجر الكلب من الزاجر.
وذهب بعض النحاة إلى أن المختص الذي لا شكل له ولا صورة كمزجر الكلب، ومقعد القابلة، ونحوه هو على حذف الجار، كأمرتك الخير، وإذا لم تذكر من الثانية فقلت: هو مني مناط الثريا يتعلق مني بمحذوف وهو خبر أي: أنت من اتباعي، ومناط الثريا خبر ثان، وقيل: بما في الظروف من البعد والقرب كأنك