وحكى محمد بن جرير الطبري أن العرب تقولك تفعل ماذا، تصنع ماذا، ينصب كل مضارع يقع قبل ماذا، ألا تراهم يقولون: تريد ماذا بالرفع.
وحكى الكوفيون أن العرب تقدم العامل على (أي) يقولون: لمن قال: ضربت رجلاً: ضربت أيا، ولم يقدموا العامل في شيء من أسماء الاستفهام غير (من وما وأى) إلا ما حكاه بعضهم عن بعض العرب أنه قال: إن أين الماء والعشب لمن قال: إن في موضع كذا ماء وعشبًا، فعلى هذا لو قال: ضربت عشرين رجلاً، فاستثبت، قلت: كم ضربت، ولم يجز أن تقول: ضربت كم.
ويجب تقديمه إن كان اسم شرط نحو: أيهم تضرب أضربه، أو كان مضافًا إليه، أو إلى اسم استفهام نحو: غلام من تضرب اضربه، وغلام أيهم رأيت، أو نصبه فاصلاً جواب أما، نحو: أما زيدًا فاضرب، فإن فصله غير المفعول جاز له أن يتقدم نحو: أما اليوم فزيدًا اضرب، وإن يتأخر نحو: أما اليوم فاضرب زيدًا، أو كان معمول مفسر الجواب نحو: أما زيدًا فاضربه، أو كان ضميرًا منفصلاً لو تأخر وجب اتصاله نحو:«إياك نعبد».
فلو كان إذا تأخر جاز اتصاله لم يلزم تقديمه نحو: الدرهم إياه أعطيتك، ولو تأخر جاز أعطيتكه، وأعطيتك إياه، أو كان (كم) الخبرية نحو: كم غلام ملكت: تريد كثيرًا من الغلمان ملكت.
وحكى الأخفش أنه يجوز تقديم العامل على (كم) الخبرية في لغة رديئة للعرب تقول: ملكت كم غلام؛ أي ملكت كثيرًا من الغلمان، أو كان الناصب فعل أمر دخلت عليه الفاء نحو: زيدًا فاضرب.
وفي الترشيح: زيدًا فاضرب، دخلت الفاء هنا لما في الكلام من معنى الشرط، ومعناه يدق، فإذا قلت: زيدًا فاضرب فكأن قائلاً قال لك: أنا لا أضرب زيدًا، ولكني أضرب عمرًا، فقلت أنت مجيبًا له: فاضرب عمرًا. ثم قلت: عمرًا