للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله تعالى: «كما أرسلنا فيكم رسولا» أي لما أرسلنا فيكم فاذكروني، وزعم الخليل: أن الكاف إذا لحقتها (ما) الكافة قد تجعلها العرب بمعنى (لعل) ويصير لها ما للفعل كما صيرت (ربما) للفعل، وجعل من ذلك قولهم: انتظرني كما آتيك قال: والمعنى لعلي آتيك. وجعل من ذلك قول الشاعر:

لا تشتم الناس كما لا تشتم

أي لعلك لا تشتم، وحكى سيبويه: كما أنه لا يعلم فتجاوز الله عنه أي أنه لا يعلم، وذهب الفراء إلى أن قولهم: «انتظرني كما آتيك»، و «لا تشتم الناس كما لا تشتم» الكاف فيهما للتشبيه، والكاف صفة لمصدر محذوف أي انتظرني انتظارًا صادقًا مثل إتياني لك؛ أي فلي بالانتظار كما أفي لك بالإتيان، وانته عن شتم الناس كـ «انتهائهم عن شتمك».

وفي النهاية: وقد كفوا الكاف (بما) كما كفوا (رب) فتليها الجملة الفعلية والاسمية تقول: زيد قاعد كما عمرو قاعد شبهت جملة بـ (جملة) بكونهما حاصلين في الوجود، وتقول: زيد قاعد كما أن عمرًا قائم، والمعنى قعود زيد لا محالة وقيام عمرو لا محالة، فالأولى فيها تشبيه جملة بجملة، وهذه توجب حصول الأمرين في الوجود، فهذا فرق ما بينهما، وتقول: زرني كما أزورك، فتحتمل (ما) أن تكون مصدرية «أي زرني كزيارتي إياك»، وأن تكون بمعنى لعل أي؛ لعلي أزورك.

وقال ابن مالك: ربما إذا حدث فيها معنى التعليل تنصب المضارع بها تشبيهًا بكي، وهذه مسألة تقدم الكلام فيها في نواصب المضارع، والمضارع جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>