فتقول: فأزورك، فإن تقدم (ما) على (إن)، فأجاز الفراء فيه الجزم والرفع نحو: ما إن تزرني أزورك وأزرك، وأبطل الفراء دخول الفاء في الفعل إذا تقدمت (ما)، بخلاف (هل)، وحكم (لا) النافية حكم (ما) في هذه المسألة.
وإذا كن فعل الشرط ماضيًا، وفعل الجزاء مضارعًا نحو: إن قام زيد يقوم عمرو، فجزمه فصيح، وزعم بعضهم أنه لا يجيء في الكلام الفصيح إلا مع كان. وظاهر كلام سيبويه، ونصوص الجماعة على أن ذلك لا يختص (بكان)، وأما (رفعه) فذهب بعض أصحابنا إلى أنه أحسن من الجزم، ونصوص الأئمة على جواز مجيئه في الكلام، خلافًا لبعض من عاصرناه، فإنه قال: لا أعلمه جاء في الكلام وإذا جاء، فقياسه الجزم، لأنه أصل العمل تقدم أو تأخر.
واختلف المتقدمون في تخريجه، فذهب سيبويه إلى أنه على التقديم والتأخير، وجواب الشرط محذوف، وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنه على حذف الفاء، وهو الجواب، وذهب غير هؤلاء إلى أنه وهو الجواب، وليس على حذف الفاء، ولا على نية التقديم، وإذا قرن المضارع بالفاء، ارتفع على إضمار مبتدأ، فإن تقدمه ما يعود عليه فهو كقوله تعالى:«ومن عاد فينتقم الله منه» أي فهو ينتقم منه وكقوله تعالى: «فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا» أي فهو لا يخاف.
وسواء أكان فعل الشرط ماضيًا أم مضارعًا، وإن لم يتقدمه ما يعود عليه كان المحذوف ضمير الأمر نحو: إن قام زيد فيقوم عمرو أي: فهو أي الأمر والشأن يقوم