ساغ الاكتفاء بكل من الجملتين جازت المسألة وإلا امتنعت، فعلى هذا تقول: جدعت زيدًا أنفه، ولقيت كل أصحابك أكثرهم.
القسم الثالث: بدل اشتمال وأكثر وروده بالأوصاف نحو: أعجبني زيد علمه، وأعجبتني الجارية ظرفها، وقد جعلوا منه ما كان ذاتًا نحو: سرق زيد ثوبه، وسرق زيد فرسه، وسرني زيد قلنسوته، وسرتني الفتاة زجها وسنانها، وقالت طائفة: هو ما بينه وبين المبدل منه تعلق ما عدا نسبة الجزئية، وقد منع سيبويه أن يكون منه: مررت بزيد أبيه، وإن كان بينهما تعلق غيره نسبة الجزئية.
وحكى البصريون عن الكوفيين أنهم يجيزون في هذا البدل: مررت بزيد أبيه، كما يجيزون: سلب زيد ثوبه، ولا يجيزه إلا البصريون، وفي جمل الزجاجي: كان عبد الله ماله كثير على الابتداء، وكثيرًا على البدل، ولا يجوز لو قلت: كان عبد الله كثيرًا لم يصح، ولم يفهم منه كثرة المال، وما جاز فيه البدلية والابتداء، فالأقيس، والأكثر في الكلام الابتداء نحو: رأيت زيدًا وجهه حسن، ويجوز وجهه حسنًا، وشرط هذا البدل، وبدل بعض من كل عند أصحابنا صحة الاستغناء بالمبدل منه عن البدل ولو قلت: أسرجت القوم دابتهم لم يجز أن يكون منه بخلاف: سرق زيد ثوبه، وقد فرقوا بين المسألتين.
ويشترط في هذين البدلين أن يكون فيهما ضمير يعود على المبدل منه، إما ملفوظ به، وإما مقدر نحو: ضربت زيدًا رأسه، وأعجبتني الجارية حسنها وقوله تعالى:«من استطاع إليه سبيلا» فيمن أعرب (من) بدلاً من الناس، فقدر الضمير أي منه، وقوله: