للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن ذلك من عطف المفردات، وتضمين العامل معنى ينتظم به المعطوف والمعطوف عليه، فيقدر: آثروا الدار والإيمان، واختار بعض أصحابنا: التضمين على الإضمار، واختلف أيضًا في هذا التضمين، والأكثرون على أنه ينقاس، وضابطه عندهم أن يكون الأول والثاني يجتمعان في معنى واحد لهما، والذي أختاره التفصيل، فإن كان العامل الأول يصح نسبته إلى الاسم الذي يليه حقيقة، كان الثاني محمولاً على الإضمار، لأن الإضمار أكثر من التضمين نحو: يجدع الله أنفه وعينيه أي: ويفقأ عينيه، فنسبة الجدع إلى الأنف حقيقة.

وإن كان لا يصح كان العامل متضمنًا معنى ما يصح نسبته إليه، لأنه لا يمكن الإضمار نحو قول العرب: علفت الدابة ماء وتبنًا، أي: أطعمتها أو غذوتها ماء وتبنًا، وتقدم الكلام على شيء من هذا في المفعول معه.

وإذا عطفت بالواو على منفي عنه الحكم، وأتيت بـ (لا) بعد الواو نحو: ما قام زيد ولا عمرو كان الفعل منفيًا عنهما حالة الاجتماع وحالة الافتراق، فإن كان الفعل مما يقتضي الاشتراك، فقد تأتي بـ (لا) زائدة لتأكيد المنفي نحو: «وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور» والظاهر أن مثل: ما قام زيد، ولا عمرو هو من عطف المفردات، وبعضهم يزعم أنه من قبيل عطف الجمل، قال: إذا عطفت بالواو ومعها (لا) أفادت المنع من الجميع كقولك: والله لا كلمت زيدًا ولا عمرًا، ولو حذفتها لجاز أن تكلم أحدهما، لأن (الواو) للجمع، وإعادة (لا) كإعادة الفعل فيصير الكلام جملتين، وقال السهيلي: (الواو) قسمان أحدهما: أن تجمع الاسمين في عامل واحد، وتنوب مناب صيغة التثنية، فيكون: قام زيد وعمرو بمنزلة قام هذان، فإن نفى الفعل قلت: ما قام زيد وعمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>