للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحق» أو على جهة الترك من غير إبطال كقوله تعالى: «ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا»، ولا تكون إذ ذاك عاطفة، وإن وقع بعدها مفرد، فإن كان ما قبلها أمرًا نحو: اضرب زيدًا بل عمرًا، أو نهيًا نحو: لا تضرب زيدًا بل عمرًا فالمعنى فيهما: بل اضرب عمرًا، أو نفيًا نحو: ما قام زيد بل عمرو فمعناه الإيجاب أي: بل قام عمرو، ووافق المبرد في هذا الحكم، وأجاز أن يكون التقدير في النهي: بل لا تضرب عمرًا، وفي النفي: بل ما قام عمرو، ووافقه على ذلك أبو الحسين بن عبد الوارث، أو موجبًا نحو: قام زيد بل عمرو، فهو إضراب عن الأول، وإيجاب ذلك للثاني أي: بل قام عمرو.

وذهب الكوفيون إلى أنه لا يكون (بل) نسقًا إلا بعد نفي، أو ما جرى مجراه قال هشام: ومحال: ضربت عبد الله بل أباك، واختار هذا المذهب أبو جعفر بن صابر، وكون الكوفيين، وهم أوسع من البصريين في اتباع كلام شواذ العرب يذهبون إلى أن (بل) لا تجيء في النسق بعد إيجاب دليل على عدم سماعه من العرب أو على قلة سماعه، ولا يعطف بها بعد استفهام، لا يقال هل: جاء زيد بل عمرو، ولا: أضربت زيدًا بل عمرًا، وقد تكرر (بل) في الجمل قال تعالى: «بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر»، «وما يشعرون أيان يبعثون بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون».

وإذا زيدت (لا) بعد إيجاب أو أمر نحو: قام زيد لا بل عمرو، واضرب زيدًا لا بل عمرًا و (لا) زائدة لتأكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول، أو بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>