وفي كون التنازع فيه أكثر من واحد خلاف، ذهب الجرمي إلى أنه لا يكون فيما يتعدى إلى ثلاثة، ولم يسمع عن العرب ذلك لا في نثر، ولا في نظم، وأجاز ذلك الجمهور والمازني، وجماعة وعن الجرمي أيضًا أن التنازع لا يكون فيما يطلب اثنين والصحيح جواز ذلك، ففي كتاب سيبويه حكاية عن العرب:«متى رأيت أو قلت زيدًا منطلقًا» على إعمال رأيت وحذف مطلوب قلت، وزيد منطلق على طلب قلت، وقال المبرد: لو أعمل الأول لقال أو قلت: هو هو زيدًا منطلقًا.
وإذا تنازع ثلاثة، وهو أكثر ما سمع في هذا الباب، وزعم ابن خروف، وتبعه ابن مالك أنه يكون العمل للثالث، ويلغى الأول والثاني، وادعى ابن خروف أنه استقرى ذلك في الكلام فوجده مثل ما قال، واستقراؤه استقراء ناقص، وقد جاء إعمال الأول، والإضمار في الثاني، والثالث كقول أبي الأسود الدؤلي:
كساك ولم تستكسه فاشكرن له ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر
أعمل (كساك)، ورفع به (أخ)، وأضمر في الثاني في قوله: ولم تستكسه.
وفي الثالث: في له، وحكى بعض أصحابنا انعقاد الإجماع على جواز إعمال الأول والثاني والثالث، قبل أن يختلف ابن خروف وابن مالك، قيل: لكن يحفظ سماعًا في إعمال الثاني، وإلغاء الأول والثالث، لكن نص على الإجماع في جوازه.