بعض أصحابنا: ما قام وقعد إلا أنت، لا يكون من الباب على مذهب سيبويه، لأن الفاعل هنا لا يصح إضماره، ولا يجيز حذف الفاعل، ويكون من الباب على مذهبي الكسائي والفراء، ففي مذهب الكسائي على الحذف للفاعل، وعلى مذهب الفراء لارتفاعه بالفعلين معًا.
والمتنازعان لا بد أن يكون الأول يجوز الفصل بينه وبين معموله بالعامل الثاني، فإن لم يجز الفصل أصلاً لم يجز التنازع كالمضافين فلا تقول: رأيت غلامًا، وضاربًا زيدًا تريد: غلام زيد، وضاربًا، والمعمول في التنازع فاعل ومفعول خاص أو عام الفاعل لا يتنازعه فعلا متكلم، ولا مخاطب، ولا مختلط منهما، وفعلا الغائب يتنازعان، وما اتصل بهما من المفعولات لا يقع فيهما التنازع، ولا يتنازع فعلا متكلم ومخاطب الفاعل إلا في صورة الغائب عند الفصل نحو: ما قام ولا قعد إلا أنا وأنت، ولا ضمير المفعول إلا بالفصل نحو: ما أكرم، ولا أعز إلا إياي، وما نكرم ولا نعز إلا إياك، ولا يكون هذا للاختلاط بينهما، وبين الغائب لاختلاط الفاعل.
وأما المفعول به الصريح فينازعه ثلاثة أصناف، والمختلط منها وما تنازع منها الفاعل، جاز ذلك فيه وفي المفعول معًا، نحو: ضرب وأكرم زيد عمرًا، فإن كان أحدهما متعديًا، والآخر لازمًا جاز أن يفصل بينهما نحو: قام وأكرم عمرا زيد، فيجوز رفع (زيد) بالأول وبالثاني؛ فلو قلت: قام وأكرم زيد عمرًا، فقيل يتعين الثاني وقيل: لا يتعين، وفي معنى ذلك إذا بنيا للمفعول، أو أحدهما والمجرور يتنازعه الثلاثة، والمختلط، فإن كان لأحدهما فظاهر نحو: ضربت ومررت بزيد، وإن كان لكل واختلفا في الحرف نحو: انفصلت ومررت بزيد، أو اتفقا واتفقا في المعنى نحو قولك: صلى الله وبارك على محمد، أو اختلفا فيه نحو: قمت وذهبت بزيد تريد: قمت بسبب زيد، فلا يجوز إلا إن فهم من قوة الكلام كقولك: أطعمتك، ووهبتك لله، وما يتعدى إلى مفعول واحد يتعدى إلى اثنين، ومع الفاعل