وقال أبو ثروان: أتيته لكرامته إياي، فأجاز الكسائي والفراء، وهشام: عجبت من كرامتك زيدًا، ومن طعامك طعامًا، واستثنى الكسائي من ذلك ثلاثة ألفاظ فلم يعملها وهي: ألخبز، والقوت، والدهن، فلا تقول: عجبت من خبزك الخبز، ولا من دهنك رأسك، ولا من قوتك عيالك، وأجاز ذلك الفراء، قال هشام: ولا يمتنع القياس انتهى.
وقالت العرب فيما روى عنهم مثل: أعجبني دهن زيد لحيته، وكحل هند عينها، وقال تعالى:«ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا» والكفات ما يكفت فيه الشيء أي: يجمع ويحفظ.
وهذه المنصوبات عند البصريين محمولة على إضمار فعل يدل عليه هذه المأخوذات من مواد الأحداث، ويأتي المصدر دالاً على الماهية، ولا يلحظ فيه عمل نحو قولك: العلم حسن، فهذا إذا أضيف فقيل: علم زيد يعجبني، والمخفوض لا يقضى عليه برفع ولا نصب فـ (زيد) معرف للعلم، وصار كقولك خاتم زيد يعجبني، ولا يؤكد هذا المصدر ولا ينعت المخفوض، ولا يعطف عليه إلا مثل ما يستعمل مع المخفوضات الصحاح ومن غريب النقل في المصدر ما ذكره في النهاية: من أنه إذا قلت: أتيته ركضًا، إن فرعت على مذهب البصريين، وهو أن (ركضًا) في معنى راكض جاز إعماله تقول: أتيته ركضًا فرسي أي راكضًا فرسي، وإن فرعت على قول الكوفيين، وهو أن التقدير: اركض ركضًا، وبه قال أبو علي في الإيضاح لم يجز إعماله، لأنه كان يكون كضربت ضربًا انتهى.