وقد تتبعت كثيرًا مما ورد في الأشعار من (كأين) فلم أره محذوفًا ولا في موضع واحد، و (كأين) لازمه التصدير، ولا يحفظ من كلامهم الإضافة إليها نحو: غلام كأين من صديق أكرمت، ولا دخول حرف الجر، وقد أجاز ابن قتيبة، وتبعه ابن عصفور دخول حرف الجر عليها، قال ابن عصفور في تمثيله (بكأين) من رجل مررت، وقال ابن قتيبة في كتابه: الجامع في النحو (كأين) بمعنى (كم) تقول: بكأين تبيع هذا الثوب (أي) بكم تبيعه، وفي هذا التمثيل ثلاثة أشياء تحتاج إلى سماع من العرب: إدخال حرف الجر عليها، وحذف تمييزها، واستعمالها استفهامية، ونصوص من وقفنا على كلامه من النحويين، أن كأين لا تكون إلا خبرية، وزعم ابن مالك أنها قد يستفهم بها، واستدل بأثر جاء عن أبي علي عادته في إثبات القواعد النحوية بما روى في الحديث وفي الآثار مما نقله الأعاجم الذين يلحنون، ومما لم يتعين أنه من لفظ الرسول (، ولا من لفظ الصحابي، فيكون حجة إذ أجازوا النقل بالمعنى.
وكأين تكون مبتدأة، ولم تجيء في القرآن، إلا مبتدأة، أو سائغًا فيها النصب على الاشتغال وقد استقريت جملة مما وردت فيه مبتدأة، فوجدت خبرها لا يكون إلا جملة فعلية مصدرة بماض، أو بمضارع، أو جارًا ومجرورًا ولم أقف على كون خبرها يكون اسمًا مفردًا، ولا جملة اسمية، ولا فعلية مصدرة بمستقبل، فينبغي أن