فأصبح أبو طلحة يخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما كان منهما في ليلتهما، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بارك لهما"، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني، قالت أم سليم: هو أسكن ما كان فقربت إليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وراوا الصبي.
فلما أصبح أبو طلحة أتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال:«أعرستم الليلة؟» قال: نعم، قال:«اللهم بارك لهما» فولدت غلاماً.
قال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرسلت معه بتمرات، فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:«أمعه شيء؟» قالوا: نعم، تمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها، ثم أخذ من فيه فجعلها في في الصبي وحنكه به، وسماه عبد الله [البخاري: ٥٤٧٠ مسلم: ٢١٤٤].
قليل من النساء والرجال يستطيع أن يفعل فعل أم سليم، فقد أفرغ الله عليها من الصبر أمراً عجباً، فقد عشَّت زوجها وأصحابه، وعندما خرج الضيوف تعطرت وتزينت، وواقعها زوجها، وقد أكرمها الله تعالى، فكانت عاقبتها إلى خير.
٩ - فعل أم سليم في الحروب: كانت أم سليم تخرج مع المقاتلين في الحروب، وتشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزواته، وكانت تداوي المرضى، وتقوم على الجرحى، وتنقل الماء على ظهرها، فتفرغه في أفواه المقاتلين، وقد نادت الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعد أن أنزل الله عليه نصره، وأمده بجند من عنده قائلة له:"يا رسول الله، اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك يا رسول الله"، فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «يا أم سليم، إن الله كفانا وأحسن»[مسند أحمد: ٢١/ ٤٤٠، ورقمه: ١٤٠٤٩. قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين].