كبر سنُّك» فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي، فقالت أم سليم: ما لك يا بنية! قالت الجارية: دعا عليّ نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يكبر سنِّي، فالآن لا يكبر سنِّي أبداً، أو قالت: قرني.
فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمرها، حتى لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك يا أمَّ سليم! " فقالت: يا نبي الله! أدعوت على يتيمتي؟ قال:«وما ذاك يا أمَّ سليم!» قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنُّها، ولا يكبر قرنها.
قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:«يا أمَّ سليم! أما تعلمين أن شرطي على ربي، أني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشرٌ، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحدٍ دعوت عليه، من أمتي، بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ، أن تجعلها لها طهوراً وزكاة وقربة تقرِّبه بها منه يوم القيامة».
لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقنعاً لأم سليم فيما علل به دعوته، فعادت بعد علمها أن دعوة الرسول تزيد يتيمتها أجراً، ولا تضيرها.
٨ - قصة أم سليم عندما توفي انبها: كان لأبي طلحة وأم سليم ولد يحبانه حبّاً شديداً، ومرض الطفل، وتضعضع أبو طلحة لمرض ولده، وفي ويوم خرج أبو طلحة للصلاة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العشاء فمات الغلام، فطلبت أم سليم من أهل دارها أن لا يعلم أحد منهم أبا طلحة بموت ولده، فلما عاد مع جمع من أصحابه، سأل عن الغلام، فأخبرته أنه أسكن ما يكون، وقدمت له ولأصحابه العشاء، وبعد أن أويا إلى فراشهما تزينت وتطيبت، فنال منها ما يناله المرء من زوجته، وفي الصباح أخبرته بما كان بطريقة فيها كثير من الروية والحكمة، فالمال والأهلون ودائع، ولا بدّ يوماً أن ترد الودائع.