للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمير المؤمنين، قال: بل أعظم من ذلك، قالت: فما شأنك؟ قال: الدنيا أتتني، الفتنة دخلت عليّ، قالت: فاصنع فيها ما شئت، قال: عندك عون؟ قالت: نعم. قال فأخذ دريعة (١) فصرّ الدنانير فيها صراراً، ثم جعلها في مخلاة، ثم اعترض جيشاً من جيوش المسلمين، فأمضاها كلَّها. فقالت له امرأته: رحمك الله لو كنت حبست منها شيئاً نستعين به، قال: فقال لها: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى أهل الأرض لملأت ريح مسك» وإني والله ما كنت لأختارك عليهن. فسكتت [أخرجه الطبراني في الأوسط، ورمز له السيوطي بأنه صحح. وقد ورد معناه في حديث آخر أخرجه البخاري في الرقاق، والترمذي].

٥ - عمر يكشف الحال الذي اشتكى أهل حمص من سعيد: عن خالد بن معدان قال: استعمل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بحمص سعيد بن عامر بن حذيم. فلما قدم عمر حمص قال: يا أهل حمص، كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه، وكان يقال لأهل حمص الكويفة الصغرى، لشكايتهم العمّال. قالوا: نشكوه أربعاً: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، قال: أعظم بها، قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحداً بليل، قال: وعظيمة، قال: وماذا؟ قالوا: له يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا، قال: عظيمة، قال: وماذا؟ قالوا يغنظ الغنظة بين الأيام، أي: تأخذه موتة.

قال: فجمع عمر بينهم وبينه، وقال: اللهم لا تفيل رأيي (٢) فيه اليوم، ما تشتكون منه؟ قالوا: لا يخرج حتى يتعالى النهار، قال: والله إن كنت لأكره ذكره، إنه ليس لأهلي خادم، فأعجن عجينهم. ثم أجلس حتى يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم.


(١) تصغير الدرع: قميص المرأة.
(٢) فيّل رأيه: قبّحه وخطّأه وضعّفه.

<<  <   >  >>