يبكي لبكائهم، لا يسألهم عن أمرهم، حتى كثير البكاء، وعلا الصوت، فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت.
قال: فقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالاً له وهيبة، قال: وكان أسنَّ منه.
قال: ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما، فلبث بها ما شاء الله، فبينا سليمان ذات ليلة نائم إذ استيقظ وهو يبكي، فقال عطاء: ما يبكيك يا أخي؟ قال: فاشتد بكاؤه، قال: ما يبكيك يا أخي؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة، قال: وما هي؟ قال: لا تخبر بها أحداً ما دمت حياً، رأيت يوسف النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فجئت أنظر إليه فيمن ينظر إليه، فلما رأيت حسنه بكيت، فنظر إليّ في الناس، فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ فقلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما ابتليت به من أمرها، وما لقيت من السجن وفرقة يعقوب، فبكيت من ذلك، وجعلت أتعجب منه.
قال: فهلاَّ تعجّبت من صاحب المرأة البدوية بالأبواء؟ فعرفت الذي أراد فبكيت واستيقظت باكياً.
قال عطاء: أي أخي وما كان ما حال تلك المرأة؟ فقصّ عليه عطاء القصة، فما أخبر بها سليمان أحداً حتى مات عطاء، فحدَّث بها بعده امرأة من أهله، قال: وما شاع هذا الحديث بالمدينة إلا بعد موت سليمان بن يسار رضي الله عنهما.
وعن ابي الزناد عن أبيه قال: كان سليمان بن يسار بصوم الدهر، وكان عطاء بن يسار يصوم يوماً ويفطر يوماً.