للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما قرأ كتابه كتب إليه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد، السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، أما بعد: فإنه بلغني كتابك، وسأجيبك بنحوٍ منه: أما أول شأنك ابن الوليد كما تزعم فأمُّك "بنانة" أمة السكون، كانت تطوف في سوق حمص وتدخل، وتدور في حوانيتها، ثم الله أعلم بها، اشتراها ذبيان من فيء المسلمين، فأهداها لأبيك، فحملت بك، فبئس المحمول وبئس المولود. ثم نشأت فكنت جباراً عنيداً، تزعم أني من الظالمين، لما حرمتك وأهل بيتك فيء الله عز وجل الذي فيه حقُّ القرابة والمساكين والأرامل، وإنَّ أظلم مني وأترك لعهد الله من استعملك صبياً سفيهاً على جند المسلمين، تحكم فيهم برأيك، ولم تكن له في ذلك نية إلا حب الوالد لولده، فويل لك، وويلٌ لأبيك، ما أكثر خصماء كما يوم القيامة، وكيف ينجو أبوك من خصمائه؟

وإنَّ أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف، يسفك الدَّم الحرام، ويأخذ مال الحرام، وإنّ أظلم مني، وأترك لعهد الله من استعمل قرّة بن شريك أعرابياً جافياً على مصر، أذن له في المعازف واللهو والشرب، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من جعل لعالية البربرية سهماً في خمس العرب، فرويداً يا بن بنانة، فلو التقى خلقتا البطان، وردَّ الفيء إلى أهله، لتفرغت لك ولأهل بيتك، فوضتعهم على المحجَّة البيضاء، فطالما تركتم الحق وأخذتم في بنيات الطريق، ومن وراء هذا ما أرجو أن أكون رايته بيع رقبتك، وقسم ثمنك بين اليتامى والمساكين والأرامل، فإنَّ لكلٍّ فيك حقاً والسلام علينا، ولا ينال سلام الله الظالمين.

٧ - وقائع جرت بعد تولي عمر الخلافة:

أ - عن عمر بن ذر قال: مولىً لعمر بن عبد العزيز حين رجع من جنازة سليمان: مالي أراك مغتّماً؟ قال: لمثل ما أنا فيه يغتم، إنه ليس من أمة

<<  <   >  >>