للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالت: إني رأيتهم يتكلمون، وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوماً عصيباً، فقال: كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره، قال: ودعا بدينار، وجنب (١) ومجمرة، فألقى الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمرّ تناوله بشيء فألقاه على الجنب فنشّ (٢)، فقال: أي عمة أما تأوين (٣) لابن أخيك من مثل هذا؟ فقامت، فخرجت على قرابته، فقالت: تزوّجون إلى آل عمر، فإذا نزعوا الشُّبه جزعتم؟ اصبروا له.

٨ - خطبة من خطب عمر بن عبد العزيز: عن أبي سليم الهذلي قال: وخطب عمر بن عبد العزيز فقال:

"أما بعد: فإن الله عز وجل لم يخلقكم عبثاً، ولم يدع شيئاً من أمركم سدىً، وإن لكم معاداً، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله، وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، واشترى قليلاً بكثير، وفانياً بباقٍ، وخوفاً بأمن، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون؟ كذلك حتى تردّ إلى خير الوارثين، في كل يوم وليلة تشيّعون غادياً ورائحاً إلى الله عز وجل، قد قضى نحبه، وانقضى أجله حتى تغيّبوه في صدع من الأرض في بطن صدع، ثم تدعونه غير ممهد، ولا موسَّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، مرتهناً بعمله، فقيراً إلى ما قدّم، غنياً عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت، وايم الله إني لأقول لكم هذه المقالة، وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب ما أعلم عندي، وما يبلغني عن أحد منكم ما يسعه ما عندي


(١) القطعة من الشيء، يريد هنا جنب شاة، أي: قطعة من اللحم.
(٢) نشك صوت.
(٣) أوى له: رحمه ورق له.

<<  <   >  >>