للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن صالح بن أحمد قال: ربما رأيت أبي يأخذ الكسر فينفض الغبار عنها، ثم يصيّرها في قصعة، ثم يصبُّ عليها ماءً حتى تبتلّ، ثم يأكلها بالملح، وما رأيته قطّ اشترى رمّاناً ولا سفرجلاً ولا شيئاً من الفاكهة، إلا أن يكون يشتري بطيخة، فيأكلها بخبزٍ أو عنباً أو تمراً، فأما غير ذلك فما رأيته قطّ اشتراه، وربما خبز له فيجعل في فخّاره عدساً وشحماً وتمرات شهريز (١)، فيخص الصبيان بقصعة فيصوت ببعضهم، فيدفعه إليهم، فيضحكون، ولا يأكلون، وكان كثيراً ما يأتدم بالخل، وكان يشترى له شحم بدرهم، فكان يأكل منه شهراً، فلما قدم من عند المتوكل أدمن الصوم، وجعل لا يأكل الدسم، فتوهّمت أنه كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك.

وعن النيسابوري صاحب إسحاق بن إبراهيم: قال لي الأمير: إذا جاء إفطاره أرنيه، قال: فجاؤوا برغيفين خبز وخيارة. فأريته الأمير فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يقنعه.

وعن الحسن بن خلف الصائغ قال: جاءني المروزي في علة أبي عبد الله، قال: أبو عبد الله عليل، فذهبت بالمتطبّب، فدخلنا عليه. قال: ما حلك؟ قال: احتجمت أمسٍ. قال: وما أكلت؟ قال: خبزاً وكامخاً (٢) قال: يا أبا عبد الله تحتجم، وتأكل خبزاً وكامخاً؟ قال: فما آكل؟

وعن محمد بن الحسن بن هارون قال: رأيت أبا عبد الله إذا مشى في الطريق يكره أن يتبعه أحد.


(١) نوع من التمر مشهور.
(٢) الكامخ: إدام يؤتدم به، وخصه بعضهم بالمخللات.

<<  <   >  >>