ثم كانت العاقبة للمرسلين، ودمر الله الكافرين، وهذه الأمة قارعت أعداء الله، وكانت الحرب بيننا وبين أعدائنا سجالاً، يوم لنا ويوم علينا، ثم كانت العاقبة للمتقين، فانتصر المسلمون على أعدائهم، وفتحوا مكة، ثم فتحوا الجزيرة العربية، ثم فتحوا العراق وفارس، وبلاد الشام، ومصر وغيرها، وكانت لهم عاقبة الدار، {لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}[طه: ١٣٢] وقال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣].
وقد أعلمنا ربنا أنه كتب في كتابه الذي أنزله على نبيه داود، وهو الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عباده الصالحون {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٥].
وقد وجدت هذا الذي ذكره القرآن في المزمور السابع والثلاثين من مزامير داود، فالذكر الذي جاء فيه قوله:"١ لا تغر من الأشرار، ولا تحسد عمّال الإثم، ٢ فإنهم مثل الحشيش سريعاً يقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون. ٣ اتكل على الرب وافعل الخير. اسكن الأرض وارع الأمانة. ٤ وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قبلك. ٥ سلِّم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري، ٦ ويخرج مثل النور برَّك، وحقَّك مثل الظهيرة. ٧ انتظر الرب واصبر له، ولا تغر من الذي ينجح في طريقه، من الرجل المجري مكايد. ٨ كفَّ عن الغضب، واترك السخط، ولا تغر لفعل الشر"[المزمور السابع والثلاثون: ١ - ٨].
ثم قال بعد هذا الذكر: "٩ لأن عاملي الشر يقطعون، والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض. ١٠ بعد قليل يكون الشرير. تطَّلع في مكانه