للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس: إنه سُمِّي بذلك من العَرْف، وهو: الطِّيب.

السادس: وهو قول ابن عباس: أن إبراهيم عليه السلام رأى ليلة الترْوِيَة في منامه أنه يؤمر بذبح ابنه فلما أصبح روي يومه، أجمع، أي: فكَّر؛ أمِن اللَّه تعالى هذه الرؤيا أم من الشيطان، فسمي اليوم يوم التروية. ثم رأى ليلة عرفة ثانيها، فلما أصبح عرف أن ذلك من اللَّه تعالى، فسُمي اليوم يوم عَرَفة.

السابع: لأن الناس يتعارفون حين يلقَى بعضهم بعضًا من كل طرف وبلد بعيد.

الثامن: إنما سميت بذلك لعلوها، والعَرْف: العالي، ومنه: عَرْف الديك، ومنه: قوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} (١).

التاسع: أن إبراهيم عليه السلام غدا من بيت سارة، فحلفت أنه لا ينزل عن ظهر دابته حتى يرجع إليها من الغيرة. فأتى إسماعيل عليه السلام ثم رجع، فحبسته سارة ستة أشهر ثم استأذنها فأذنت له، فخرج، حتى إذا بلغ مكة وجبالها، فبات ليلة يسير حتى أذن اللَّه تعالى له في ثلث الليل فكان عند جبل عرفة. فلما أصبح عرف البلاد (٤٣/ أ) والطريق، فجعل اللَّه عرفة حيث عرف، ذكره الثعلبي مرفوعًا من حديث يَعلَى بن الأشرف (٢) عن عبد اللَّه بن جراد (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

العاشر: أن الأصل في هذين الاسمين قديمًا: عرفة للزمان، وعرفات للمكان؛ من الصبر، يقال: رجل عارف؛ إذا كان صابرًا خاضعًا خاشعًا.


(١) "الأعراف" (آية: ٤٦).
(٢) في "الإصابة" (٢/ ٢٧٩) "يعلي بن الأشدق".
(٣) في "م، س": "حراد"، وفي "ق": "جراد". وهو الصواب كما في "تاريخ البخاري" (٥/ ٣٥)، و"الإصابة" لابن حجر (٢/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>