قال في "الفروع": فدلّ كلام الأصحاب أن الحجرة على الخلاف.
وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: لم أعلم أحدًا فضَّل التربة على الكعبة غير القاضي عياض، ولم يسبقه أحد ولا وافقه أحد.
ثم بعد ذلك اختلفوا في أيهما أفضل:
فذهب عمر وغيره من الصحابة إلى تفضيل المدينة، وهو قول مالك وأكثر المدنيين، وهو (٥١/ ب) رواية عن أحمد، واختارها ابن حامد وغيره.
وذهب أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأكثر العلماء إلى تفضيل مكة، ونصره القاضي، وأصحابه، وبه قال ابن وهب، وابن حبيب، وأصبغ من المالكية، قال العبدري: وهو مذهب أكثر الفقهاء.
قال ابن حزم: روى القطع بتفضيل مكة على المدينة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جابر، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن الزبير، وعبد الله بن عدي، بأسانيد في غاية الصحة:
فحديث عبد الله بن عدي بن الحمراء: رواه أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو واقف بالحزوَرة في سوق مكة:"والله إنكِ لخير أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجْت منك ما خرجت"(١).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سوق الحزْوَرَة بمكة: "والله إنكِ لخير أرض الله وأحب البلاد إلى الله تعالى، ولولا أني أخرجت منكِ ما
(١) "أحمد" (٤/ ٣٠٥)، النسائي في "الكبرى" (٢/ ٤٧٩)، و"الترمذي" (٣٩٢٥)، و"ابن ماجه" (٣١٠٨) وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.