للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما فيه: أن معنى ما ظهر من الزينة: الوجه والكفان.

والآخر فيه: أن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا الوجه والكفان.

ولكن في إسنادهما ما ذكرتُ لك.

فأمَّا سائر الأحاديث المذكورة في الباب، فإنها إمَّا أن تدلَّ على إبدائها جميع ذلك، أو بعضه، دلالة يمكن الانصراف عنها، بتحميل اللفظ أو القصة غير ذلك، لكق الانصراف عمَّا يدلُّ عليه ظاهر اللفظ، أو سياق القصة، لا يكون جائزًا إلا بدليل عاضد، يصير الانصراف تأويلًا، وإذا لم يكن هناك دليل، كان الإنصراف تحكمًا؛ فعلى هذا ليجب القول بما تظاهرت به هذه الظواهر، (وتعاضدت) (١) عليه من جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها. لكن يُستثنى من ذلك، ما لا بد من استثنائه قطعًا، وهو ما إذا قصدت بإبداء ذلك: التبرج واظهار المحاسن، فإن هذا يكون حرامًا، ويكون الذي يجوز لها إنما هو إبداء ما هو في حكم العادة ظاهر حين التصرف والتبذل، فلا يجب عليها معاهدته بالستر، بخلاف ما هو في العادة مستور، إلا أن يظهر بقصد، كالصدر والبطن، فإن هذا لا يجوز لها إبداؤه، ولا يُعفى لها عن بدوِّه، ويجب عليها من ستره في حين التصرُّف ما يجب من ستره في حين الطمأنينة، ويعضد هذه الظواهر وهذا المنزع قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١].

فمعنى الآية: لا يُبدين زينتهن في مواضعها لأحد من الخلق، إلا ما كان عادة، ظاهرًا حين التصرُّف، فما وقع من بدوِّه وإبدائه بغير قصد التبرج والتعرض للفتنة فلا حرج فيه، و (بهذا) (٢) يقع الفرق بين ما هو


(١) كذا في المختصر، وفي الأصل: "وتعاضت".
(٢) في الأصل: "وهذا"، والظاهر ما أثبته.

<<  <   >  >>