مما لا شكَّ فيه أنَّ معرفة أحكام الإِسلام في كلِّ مجالات الحياة هي من ضروريات الحياة بالنسبة لكلِّ مسلم ومسلمة، وقد عني الشارع ببيانها البيانَ الكافي، وقام علماءُ الإِسلام بالبحث الشامل في كتاب الله وسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لتحديد مراد الله ورسوله منها، ورتبوها ترتيبًا فقهيًّا دقيقًا ليسهل الإطلاع على كلِّ حكم منها في بابه من غير عناء ولا مشقة.
وكتاب "إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر" لمصنِّفه الحافظ سيد النقاد في عصره أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى -رحمه الله-، المعروف بابن القطان الكتامي الفاسي، يُعتبر من البحوث القيِّمة التي قدَّمها صاحبها في باب النظر الذي أناط به الشارع مجموعة من الأحكام قصد صيانته من الوقوع فيما يفضي إلى معصية الله وارتكاب ما يهدم الكيان الخلقي والفضيلة، وجعل مسؤولية الإِنسان عن النظر كمسؤوليته عن السمع والبصر، قال تعالى:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٦].
والناس اليوم يُغفِلون هذه الحقيقةَ، ويطلقون العنانَ للبصر، حتَّى إنَّ الواحد منهم لا يكاد يميز بين ما يباح النظر إليه وما يملك، وأصبح المثل