ورغم صعوبةِ الموضوع وتشعُّب مسائله وتداخلها أحيانًا، لا تجد للمصنف اضطرابًا أو خلطًا أو غموضًا يشين بالموضوع، بل تجده يعرض الأمورَ بطريقةٍ موضوعيةٍ واضحةٍ، وبأسلوبٍ سهلٍ، وبلغةٍ رفيعةٍ مفهومةٍ، يستطيع القارئ للكتاب أدما يظفر بجملةٍ وافرةٍ من المعلومات من غير عناء.
ثانيًا: منهجُهُ في تأليفِ كتابِهِ:
قبل الحديث عن المنهج الذي سلكه ابن القطان في تصنيف كتابه:"النطر في أحكام النظر"؛ أذكرُ ملاحظتين تتعلقانِ بالكتاب من حيث الشكل:
[١ - الملاحطة الأولى]
إنَّ المؤلِّف لم يتكلَّف وضعَ مقدمة لكتابه هذا، كما هي عادة العديد من المصنِّفين، الذين تجدهم يُصَدِّرون مصنَّفاتهم بخطب بليغة؛ يجمعون فيها من المحسَّنات البديعية، وصناعة الأسجاع، وبراعة الإستهلال، وغير ذلك ما يعكس تكلُّفهم في اختيار العبارات، وانتقاء الأساليب في خطبهم .. وابن القطان يتجاوز هذا الصنيع في التقديم رغم فشوِّه في محصره، ويؤلِّف كتابه على طريقة المصنفين الأقدمين، إذ نجده يكتفي بالحمد لله والصلاة على النبيِّ، لا يتعدَّى في ذلك السطر الواحد، ثم يدخل في المقصود بالذات، ويبيّن الداعي لتصنيف كتابه، وهو الإجابة عمَّا سُئل عنه.
[٢ - الملاحطة الثانية]
إنَّ الأسلوب الذي استعمله ابن القطالما في مصنَّفه، يمتاز بالسلاسة والوضوح التامِّ، بعيدًا عن التكلُّف والحشو والإستطرادات، رغم اشتمال مصنفه على مجموعةٍ من المصطلحات الفقهية والأصولية والحديثية، فإنَّك لا تجد فيه ما يعجز القارئ عن فهمه، لأنَّه يتولَّى شرحها وبيانها حتَّى تصبح في متناول الجميع.
وبذلك يختلف أسلوبُه كثيرًا عن أسلوب الفقهاء المتشبثين بالمصطلحات في العرض، واعتماد الإِشارات والضمائر طلبًا للإختصار.