للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من (هو الآن) (١) غير مبصر لعورة غائبة عنه، فلا يقال فيه: إنه (غاضّ) (٢) لبصره عن تلك العورة، ولا يقال فيه أيضًا: إنه مطيع بترك النظر إليها، بل قد يكون متلبِّساً بمعصية، هو بها تارك للنظر، فلا يكون تركه للنظر طاعة، لكونها من جهة أخرى معصية، بل قد يقصد ترك النظر، وغض البصر، ولكن يقترن به ما يسلبه وصف الطاعة، مثل: أن يكون بحضرته من [يراقبه] (٣)، وهو يستحيي منه، ويكره أن يطَّلع منه على إرسال طرفه، فيقصد إلى غضِّ بصره استحياءً منه أو رياء، فهذا أيضًا لا يكون غضُّه طاعةً، وإنما يكون طاعة حين يكون استحياءً من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وأنه يراه وإن لم يكن هو يراه.

والأمر في هذا ال فصل هيِّن، وهذا القدر من التنبيه إليه كافٍ.

* * *

[فصل]

ويقع مِن غضِّ البصر ما هو طاعة، وما هو معصية، وقد مضى ذلك، ويقع منه المباح وهو كثير، ويقع نقيضُه أيضًا، أعني النظر كذلك منقسماً لهذه الأقسام.

وقسم آخر لا يوصف بأنه طاعهّ ولا معصية، ولا مباح، وإنما هو معفوٌّ عنه، غير مخاطب به، لأنه ليس (داخلًا) (٤) تحت الاكتساب، فهو كرعشة المرتعش، وذلك كنظرة الفجأة التي لم تقصد، وقد تقدم بيان حكم الشرع فيها، في حديث جرير المتقدم (٥)، ولم يُرِد بقوله له: "اصرف بصرك" جوابه عن نظرة


(١) كذا في الأصل، وفي المختصر: "كان غير" وهي أوضح.
(٢) كذا في المختصر، وفي الأصل: "عارض" وهو تصحيف.
(٣) كذا في المختصر، ويشبه أن تكون في الأصل كذلك، وفي طرته: "يراه".
(٤) في الأصل: "داخل"، والصواب: "داخلاً".
(٥) انظر التعليق في أول الكتاب.

<<  <   >  >>