وبين العادل، ومنعه من الدخول إلى القصر والتردد عليه .. ويشير ابن مسدي إلى هذا فيقول:"نقمت عليه أغراض انتهكت فيها أعراض"(١).
وقد لُمز ابنُ القطان من طرف الحاقدين عليه، وأُلصقت بشخصه تهم كثيرة لا مبرر لها، وقد سجلها ابن عبد الملك في كتابه "الذيل والتكملة"، واعتمد فيها على أسلوب التفخيم والتعظيم والإِبهام، لا على التفسير والحجة، وهذا ما جعل العلماء الحفَّاظ والنقَّاد الكبار، كالحافظ الذهبي والسيوطي والعراقي وابن حجر -وكلهم ترجم لابن القطان- لا يلتفتون إليها رغم اطلاعهم على كتاب "الذيل والتكملة" لابن عبد الملك، واعتمادهم عليه في كثير من النقول.
وإذا رجعنا إلى كتاب "التكملة" لابن الأبار نجده خاليًا من التهم التي حشدها ابن عبد الملك في ترجمته لابن القطان، ولم يسجل فيه عنه إلا ما يثبت عدالته .. والمعروف عن ابن الأبار هو تشدُّده في نقد الرجال، إذ لم يسلم من نقده إلا من كان سالمًا بالفعل مما يجرح به، كما أنه كان شديد التحرِّي في اختيار الشيوخ الذين يروي عنهم، وقد سبق أن ذكرنا أن الحافظ العراقي ذكره في تلامذة ابن القطان .. وما روى عنه إلا أنه كان من الشيوخ الذين ارتضاهم واطمأن إلى عدالتهم وثقتهم وحفظهم.
والظاهر أن جميع التُّهم الموجهة لابن القطان، وقد سجَّلها ابن عبد الملك في كتابه "الذيل والتكملة" من غير تثبُّت منه ولا تمحيص، إنما هي صادرة عن أولئك الذين لم يسعفهم الحظ لأن يفزوا بما فاز به ابن القطان عند ملوك الموحدين، وهي لا تعدو أن تكون من التهم التي وجهها الحسّاد إلى الأئمة العظام كالإِمام مالك وعلي بن المديني والبخاري وغيرهم.