للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكفين على غير قصد التبرج بحكم ضرورة التصرف، ما (يحضرنا) (*) من أمر النظر إلى ذلك؛ أيمنع مطلقًا؟ أم يجوز إذا لم يخف الفتنة، ولم تقصد اللذة؟ يأتي ذكره بعدُ إن شاء الله تعالى.

ويتأكَّد هذا المعنى الذي حملنا عليه الآية؛ من أن الظاهر هو الوجه والكفان، بقوله متصلاً به: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١].

فإنه يفهم منه: أن القرطة والقلائد قد (يغفلن) (١) عند بدو وجوههن، عن تعاهد سترها، فتنكشف، فأُمرن أن يضربن بالخُمُر على الجيوب، حتى لا يطهر شيء من ذلك، إلا الوجه الذي من شأنه أن يظهر في حين التصرُّف، إلا أن يستر بقصد وتكلُّف مشقة، وكذلك الكفان.

وذكر أهل التفسير أن سبب نزول الآية: هو أن النساء كُنَّ وقت نزولها إذا غطين رؤوسهن بالخُمُر سدلنها خلفهن كما تصنع النَّبَط، فتبقى النحور والأعناق بادية، فأمر الله سبحانه (بلَيِّ) (٢) الخُمُر على الجيوب (٣)، ليستر جميع ما ذكر.

وبالغ في امتثال هذا الأمر نساء المهاجرين والأنصار، فزدن فيه تكثيف الخمر.

قال أبو داود:

١٠٧ - حدثنا أحمد بن صالح، وسليمان بن داود، وابن السرح، وأحمد بن سعيد الهمداني، قالوا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول،


(*) في الأصل: "ما يخصنا"، ولعله كما أثبته.
(١) في الأصل: "يعفن"، ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) في الأصل: "بل"، والتصويب من القرطبي.
(٣) كذا حكى القرطبي في تفسيره عن النقاش. انظر: ١٢/ ٢٣٠.

<<  <   >  >>