للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤٦) - مسألة: المخنث: هل يجوز للمرأة أن تبدو له، لما يتوهم من كونه ممن لا أرب له في النساء، حتى يفتضح بقول أو فعل، فيمتنع، أو لا يجوز لها ذلك ابتداء؟.

هذا مكان نظر واختلاف، فمن الناس مَن أجاز لما ذكرنا، ومنهم مَن منع، وروي عن مالك كراهة ذلك إذا كان حرًّا ولم تدع ضرورة إليه. وهذا الاشتراط عندي لا معنى له، فإن العبد والحر إذا كانا أجنبيين حكمهما واحد؛ لتساويهما فيما يريدان وُيراد منهما، وانما وقعت الرخصة في عبدها لمكان ضرورة طرقه وتصرفه وقوله، (وان لم) (١) تدع إليه ضرورة (فيبقى) (*) على المنع، وإلا فَمن يجيز لا يحتاج إلى اشتراط ضرورة؛ فإن الضرورة إنما يعتبر تحققها لتبيح (المحظور) (٢)، وانظر كيف خرجت الفتوى من مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في الخصي الحر والمخنث الحر مخرجًا واحدًا بالمنع، وفي الخصي العبد والمخنث العبد له قولان: هما منصوصان في العبد الخصي، ومخرجان في العبد المخنث، ومتى قال بالإِباحة فإنه يشترط عدم النظر.

وأشياخ المذهب المالكيين مختلفون في هذه المسألة، فمنهم مَن يقول: يجوز دخول المخنث والبدوُّ له، ما لم يعرف منه أنه يفطن لمحاسن النساء؛ ومن هؤلاء: أبو الوليد الباجي (٣)، ومنهم مَن يقول: لا يجوز دخول المخنث على النساء والبدو له، ومن هؤلاء: أبو عمر بن عبد البر (٤).


(١) في الأصل: "ولم"، والظاهر ما أثبت.
(*) في الأصل: "سامنه"، والظاهر ما أثبت.
(٢) في الأصل: "المحصور"، والصواب ما أثبت.
(٣) سليمان بن خلف بن لهمعدون بن أيوب بن وارث المعروف بالباجي: أحد أعلام الأندلس وشيوخ المالكية، كان فقيهًا نظّارًا محققًا راوية محدِّثًا، صاحبا التصانيف ومن أشهرها: "المنتقى في شرح الموطأ"، لم يؤلف مثله كما قيل، واختصر منه كتابًا آخر سماه: "الإِيماء" في خمسة مجلدات. انظر: المدارك: ٣/ ٨٠٤؛ تذكرة الحفاظ: ٩/ ١١٧٨.
(٤) يوسف بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن عبد البر: الحافظ، شيخ علماء الأندلس =

<<  <   >  >>