للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإِظهار، غير محتاج إلى إقامة الدليل على تحريم النظر، بل يكون النظر إليها من غير ضرورة حراماً، لأنه إذا كان إبداؤه حراماً، كان النظر إليه بمثابة النظر إلى العورة أو البطن أو غيرهما.

وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز, لكن بشرط ألا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة، أما إذا قصد اللذة [وخاف الفتنة] (١) فلا نزاع في التحريم, بل لو كان نظره على هذا الوجه إلى ذات مَحرمه، بنته أو أخته، كان حراماً، واذا لم يقصد اللذة لكنه يخاف الفتنة بنظره، فينبغي أن يكون ممنوعاً، بقوله: "اصرف بصرك" (٢)، وبليِّه عُنُق ابن عمه وقوله: "خشيت عليهما" (٣)، وبما عُلم من قاعدة الشرع في الأمر بغضِّ البصر، أنّه لأجل الخوف على النفس وقصد صيانتها عما يجلب إليها هوًى،

[وإن] كان لم يخف.

[وما قلناه] (٤) هاهنا، هو الخلاف الذي قدمنا حكايته، فمن مانع، ومن مجيز، وقد كان تقدم النظر في مسألة النظر إلى الغلام، وأنه إذا نظر إليه الناظر غير قاصد ولا خائف: أنه جائز بلد خلاف، والأمر هاهنا بخلاف ذلك، يعني أنه إذا نظر إلى وجه المرأة غير قاصد ولا خائف، فالخلاف قائم، استمداداً من غلبة الفتنة [بهن] (٥)، أكثر من الفتنة بهم، وذلك أنهن محل


(١) الزيادة من "المختصر"، والظاهر أنها سقطت من الأصل.
(٢) يشير إلى حديث جرير بن عبد الله الذي قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري" رواه الترمذي، وقد تقدّم في الباب الثاني، انظره هناك.
(٣) يشير إلى حديث الفضل بن عباس الذي رواه الترمذي وغيره، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لوى عنق الفضل، فقال له العباس: لويت عنق ابن عمك، قال: "رأيت شابّاً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما". انظر تخريجه في الباب الثاني.
(٤) ما بين المعقوفتين زدناه اعتماداً على ما يفهم من السياق، ولعل في الأصل تصحيفاً.
(٥) ما بين المعقوفتين من "المختصر"، وهو ساقط من الأصل.

<<  <   >  >>