للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد أردفها خلفه، فجعلت أنظر إليها، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلوي وجهي ويصرفه عنها، فلم يقطع التلبية حتى رمى جمرة العقبة" (١).

ففي هذا الحديث أنها مردفة خلف أبيها.

وفي حديث: "فمرت [به] (*) ظُعُن يجرين" (٢) فإن هذا تعارض.

قلنا: لا تعارض فيه، بل يمكن وقوع ذلك كله، فمرت الظعن، وساير الأعرابي، وسألت الخثعمية (٣)، وتكرر الفعل من الفضل، والمنع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا يؤيد ما قلناه: من أنه عرض له لما رأى من إلحاحه، ولم يعرض للنساء


(١) وروى الإِمام أحمد مثله من طريق الحكم بن عتيبة، عن ابن عباس، عن أخيه الفضل قال: "كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جمع إلى منى، فبينما هو يسير إذ عرض له أعرابي مردفاً ابنة له جميلة، وكان يسايره، قال: فكنت أنظر إليها، فنظر إليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقلب وجهي عن وجهها، ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها، حتى فعل ذلك ثلاثاً وأنا لا أنتهي، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة".
(*) ساقطة من الأصل، زدتها من "صحيح مسلم".
(٢) رواه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، مطوَّلاً من حديث جابر بن عبد الله، وفيه: "وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً، فلمَّا دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ... " الحديث: ٨/ ١٨٩ (صحيح مسلم بشرح النووي)، والظعن: بضم الظاء والعين، جمع ظعينة: البعير الذي عليه امرأة, ثم تسمى به المرأة مجازاً لملابستها البعير.
(٣) في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس: أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر: فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة؛ أفأحج عنه؟ قال: "نعم" وذلك في حجة الوداع. ذكره مسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت: ٩/ ٩٧ (مسلم بشرح النووي).

<<  <   >  >>