للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذا أنه أنكر عليه الجبذة، ولم ينكر النظرة، وبلا ريب أنها قد كانت بقصد يمنع من النظر بدليل ما تبعها من الجبذة.

قلنا: بل ظاهر القصة: أنه أنكر عليه النظر، فأما الجبذ فما فيه مس ولا لمس، فلعله كان بطرف من ثوبها. وإنما المنكر الذي أتاه النظر، وهو الذي أفهمه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أنه يمنعه من مبايعته، وليس في قوله: "ألستَ صاحب الجبذة بالأمس؟ " ما يدل على أنه لا (يعني) (١) إلا الجبذة، بل ما ذكر ذلك إلا كالصفة له المفهمة أنه قد عرف ما كان منه من غير تصريح به؛ فما في هذا ما يناقض شيئاً مما قلناه، لأنه لا خلاف في تحريم ما أشبه هذا من النظر، فاعلمه، والله الموفق.

(٩٩) - مسألة: نظره إلى القدمين والكفين، من الحرة الأجنبية المدركة المشتهاة:

(ينبني) (٢) القول فيه على ما تقدم مما تبديه للأجانب من زينتها الظاهرة، وقد كان منهم مَن قال: الثياب والوجه فقط، فهؤلاء لا يجيزون النظر إلى الكفين والقدمين، وكان منهم مَن قال: الوجه والكفان، فهؤلاء يجيزون النظر إلى ذلك، وكان منهم مَن قال: ظهور القدمين ليسا بعورة ولا يلزم سترهما في الصلاة، فهؤلاء يجيزون النظر إلى الوجه والكفين وظهور القدمين.

فممَّن (٣) يقول بأنها تبدي الوجه والكفين: سعيد بن جبير، والأوزاعي، وزاد ابن عباس: إلى نصف الذراع، وهذا هو الصواب عندي (أخذاً) (٤) مما قد مرَّ في باب ما يجوز إبداؤه، وبما مرَّ الآن في مسألة النظر إلى الوجه، فإذاً يجوز


(١) في الأصل: "سعد"، وهو تصحيف، والظاهر ما أثبت.
(٢) كذا في "المختصر"، وهو الأظهر، وفي الأصل: "فنعى".
(٣) في الأصل: "فمن"، والظاهر ما أثبت.
(٤) في الأصل: "احرا"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبته.

<<  <   >  >>