للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦ - وروى أبو هريرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، (لَتُخْطَفَنَّ) (١) أبصارُهم". ذكرهما مسلم.

وقد تضَمَّن هذان الحديثان -ولابدَّ- كون غضِّ البصر عن الجهة كورة مشروعًا في الصلاة وعند الدعاء، وإن شُكَّ في التحريم، من أجل أن الوعيد المتوعد به فيهما على ارتكاب ذلك الفعل دنيوي.

ومثل:

١٧ - ما روي عن سهل بن سعد: أن رجلًا اطلع في جُحْر [في] (٢) باب


(١) في الأصل: "لتحفظن"؛ والصواب: "لتخطفن" كما في صحيح مسلم وغيره، والمعنى: لا ترجع إليهم أبصارهم، كما في رواية مسلم عن جابر.
والروايتان معًا لمسلم، ذكرهما في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإِمام بركوع أو سجود، ونحوهما. وترجم لهما النووي في شرحه لصحيح مسلم بقوله: "باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة": ٤/ ١٥٢.
وروى البخاري مثله من حديث أنس بن مالك، في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، وفيه: أن أنس بن مالك حدثهم قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟؛ فاشتدّ قوله في ذلك حتى قال: "لينتهُن عن ذلك أو لتخطفنَّ أبصارهم". انظر: الفتح: ٢/ ٢٣٣.
وروى الإِمام مالك في موطئه برواية ابن وهب: حديث أبي هريرة (من مخطوط، ص: ٥٥)، ولم أجده في غيره.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: "فيه النهي الأكيد والوعيد الشديد في ذلك، وقد نُقل الإجماع في النهي عن ذلك" يعني رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
وقال ابن بطال في شرحه لهذا الحديث أيضًا: "أجمعوا على كراهية رفع البصر في الصلاة، واختلفوا في خارج الصلاة في الدعاء، فكرهه شريح وطائفة، وأجازه الأكثرون، لأن السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة".
وقد نقل كلام ابن بطال المتقدم الحافظ في الفتح: ٢/ ٢٣٣، ونقل عن عياض أيضًا قوله: "رفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة، وخروج عن هيئة الصلاة". (الفتح: ٢/ ٢٣٣).
(٢) لا توجد في الأصل، ولعلها سقطت منه، أثبتُّها من صحيح مسلم والترمذي، والجُحْر: بضم الجيم وإسكان الحاء: وهو الخرق.

<<  <   >  >>