قوله تعالى: الْقارِعَةُ. مَا الْقارِعَةُ؟ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ؟ «فالقارعة» كناية عن «القيامة» وقد عدل عن التصريح بلفظ «القيامة» إلى الكناية عنه بلفظ «القارعة» لا لإثبات ذلك المعنى للقيامة، وإنما لإثبات شاهده ودليله وهو أنها تقرع القلوب وتزعجها بأهوالها، وذلك تفخيما لشأن القيامة فى النفوس.
ومن صورها كذلك التعمية والتغطية حرصا على المكنى عنه أو خوفا منه، كالكناية عن أسماء النساء أو أسماء الأعداء، كقول عمر بن أبي ربيعة:
أيا نخلتي وادي بوانة حبذا ... إذا نام حراس النخيل جناكما
فطيبكما أربى على النخل بهجة ... وزاد على طول الفتاء فتاكما
فقد كنى «بنخلتي وادي بوانة» عن اثنتين من صواحبه، حرصا على سمعتهما، كما كنى «بحراس النخيل» عن ذويهما خوفا منهم.
وكقوله أيضا:
الما بذات الخال فاستطلعا لنا ... على العهد باق ودها أم تصرما
وقولا لها: إن النوى أجنبية ... بنا وبكم قد خفت أن تتيمما
فقد كنى «بذات الخال» عن اسم إحدى صواحبه حرصا على سمعتها وصونا لاسمها عن الابتذال.
ويظهر أن من الشعراء من كانوا يضيقون ذرعا بالكناية عن أسماء صواحبهم ويودون- لو استطاعوا- التصريح بأسمائهن تلذذا بترديدها، يدلنا على ذلك قول ذي الرمة:
أحب المكان القفر من أجل أنني ... به أتغنى باسمها غير معجم!